دعا الباحث في سلك الدكتوراه بجامعة الأناضول، عبدالرحمن سيّدي، إلى إعادة النظر في نظام وساعات العمل المعتمدة في الدول العربية، لجعلها أكثر مرونة وتوافقاً مع طبيعة المجتمعات العربية والإسلامية، بما يعزز من الإنتاجية ويخدم أهداف المؤسسات.

وجاءت تصريحات سيّدي على هامش مشاركته في قمة “بالعربي”، التي تنظّمها مؤسسة قطر في العاصمة القطرية الدوحة، حيث عبّر عن رفضه لما وصفه بـ”التبعية للنماذج الغربية في تنظيم أوقات العمل”.

استلهام من الهوية الإسلامية

وأوضح سيّدي أنه عند دراسة تاريخ العمل، تبيّن له أن النظام المتّبع في أغلب دول العالم، بما فيها الدول العربية، جاء من اقتداء بالمنظومة الغربية، وخصوصاً الأمريكية، دون مراعاة لخصوصية المجتمعات العربية.

وأشار إلى أن العالم العربي والإسلامي يمتلك نظاماً طبيعياً لتقسيم الوقت مستنداً إلى الصلوات الخمس، داعياً إلى تبنّي نظام عمل يبدأ بعد صلاة الفجر وينتهي بعد صلاة الظهر، مع إمكانية استئناف النشاط بعد صلاة العصر، لما في ذلك من توافق مع الإيقاع الحيوي للإنسان في هذه المجتمعات.

تحسين الإنتاجية لا يعني زيادة الساعات

وشدّد الباحث الموريتاني على أن هذا النموذج من شأنه أن يرفع من إنتاجية الموظفين، ويُحسّن أداء المؤسسات، مؤكداً أن دراسات علمية عديدة أثبتت أن الاستيقاظ المبكر يعزّز الإبداع والقدرة على الإنجاز.

وفي رسالة موجهة إلى أصحاب العمل، دعا سيّدي إلى إعادة النظر في العمل لأكثر من 48 ساعة أسبوعياً، موضحاً أن الإنسان ليس آلة، وأن جودة العمل لا تقاس بعدد الساعات بقدر ما تعتمد على نوعية الوقت المستغل في العمل.

ذكاء اصطناعي لإعادة تشكيل بيئة العمل

وأشار سيّدي إلى أن العالم يشهد اليوم انتقالاً من الثورة الصناعية إلى عصر الذكاء الاصطناعي، وهو ما يفتح المجال أمام إعادة تصميم بيئات العمل لتكون أكثر كفاءة ومرونة، لافتاً إلى أن العديد من المؤسسات بدأت فعلاً بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي في عملياتها.

تجربة شخصية ونموذج موريتاني

وعن مصدر إلهامه لهذه الفكرة، أوضح سيّدي أن نظام الحياة في موريتانيا، حيث يعتاد الأطفال على الاستيقاظ فجراً لتعلّم القرآن والفقه، ساهم في تشكيل نظرته المختلفة لأوقات العمل. وقال إنّه شعر بوجود فجوة كبيرة بين موعد استيقاظه في الرابعة فجراً وبدء الدوام الرسمي في تركيا بعد الساعة الثامنة، ما دفعه للتفكير في بدائل أكثر انسجاماً مع طبيعة الحياة في المجتمعات العربية.

يُذكر أن عبدالرحمن سيّدي ينحدر من موريتانيا ويعمل باحثاً في سلك الدكتوراه بجامعة الأناضول التركية، ويشغل أيضاً منصب مستشار أكاديمي لعدد من المؤسسات في تركيا، كما يهتم بقضايا ريادة الأعمال والعمل الشبابي في العالم العربي.

انضم إلى قناة آرام الإخبارية على واتساب وكن أول من يصلك الخبر بدقة وحيادية