“حرب على التغيير”.. الذكاء الاصطناعي يقتحم غرف الأخبار

“حرب على التغيير”.. الذكاء الاصطناعي يقتحم غرف الأخبار

كتاب جديد يناقش أثر الذكاء الاصطناعي في الصحافة ويثير تساؤلات حول مستقبل المهنة

يسعى كتاب “حرب على التغيير” للكاتب توني سلفيا إلى استكشاف الأثر المتنامي للذكاء الاصطناعي على صناعة الصحافة، من خلال أكثر من 200 صفحة، تتمحور حول التحولات الكبرى التي يمكن أن تُحدثها هذه التقنية داخل غرف الأخبار، وكيف يمكن توظيفها بشكل فعّال يخدم مهنة الصحافة دون الإخلال بأخلاقياتها.

الصحافة والذكاء الاصطناعي: من التوجّس إلى التبنّي

يؤكد المؤلف أن مقاومة التغيير ظاهرة متكررة في تاريخ الإعلام، إذ خافت الصحافة المطبوعة من الإذاعة، وتوجّست الإذاعة من التلفزيون، ثم واجهت الصحافة الإلكترونية موجة رفض من أنصار الورق. ويضيف أن الذكاء الاصطناعي اليوم يواجه تحديًا مشابهًا.

في الفصل الأول، يقدم سلفيا خلفية تاريخية عن الذكاء الاصطناعي، وبدايات ظهوره، وصولاً إلى لحظة الانفجار الكبرى في عام 2022 مع إطلاق برنامج ChatGPT. ويعكس هذا الفصل مخاوف مشروعة من قدرة الذكاء الاصطناعي على تعويض الجهد البشري، بما قد يؤدي إلى فقدان وظائف كثيرة.

دخول تدريجي لغرف الأخبار

في الفصل الثاني، يستعرض المؤلف تجربة وكالة أسوشيتد برس التي بدأت استخدام الذكاء الاصطناعي منذ عام 2014، لإنتاج أخبار الأرباح المالية. ووفق المؤلف، تمر مراحل دمج الذكاء الاصطناعي داخل غرف الأخبار بثلاث مراحل:

  • الأتمتة: إعفاء الصحفيين من المهام الروتينية.

  • التعزيز: تحليل البيانات والنصوص.

  • التوليد: كتابة النصوص كاملة، وهي المرحلة الأكثر إثارة للقلق.

ويحذر المؤلف من أخطاء المعلومات والانتهاكات المحتملة للملكية الفكرية في مرحلة التوليد، داعيًا لتدخل بشري دائم في مراجعة المحتوى.

ما بعد “غرفة الأخبار” التقليدية

يخصص الفصل الثالث لتحوّل مفهوم “غرفة الأخبار” بعد جائحة كورونا، حيث أصبح العمل عن بُعد واقعًا جديدًا، ما عزز الحاجة لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي في مجالات التحرير والتوزيع وتقديم المحتوى.

نموذج العمل الصحفي.. هل من تغيير قادم؟

في الفصل الرابع، يتحدث سلفيا عن مقاومة المؤسسات الإعلامية لتغيير نماذج عملها، ويقترح النظر إلى تجربة صناعة الإعلانات التي استعانت بالذكاء الاصطناعي لتحسين الإيرادات، داعيًا لإعادة صياغة العلاقة بين الإعلام والإعلان.

الذكاء الاصطناعي والأخبار السياسية: خطر التضليل

يستعرض الفصل الخامس تجربة الإعلام الأميركي في تغطية الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث برز قلق من دور الذكاء الاصطناعي في صناعة التضليل. ويشير إلى توصيات معهد بروكينغز لتعزيز محو الأمية الإعلامية وبناء الثقة بالتعاون بين الإعلام وشركات التقنية.

الذكاء الاصطناعي والصحافة الاستقصائية: حليف أم بديل؟

يُبرز الفصل السادس قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات، مستشهدًا بتحقيقات أوراق بنما، وتغطية نيويورك تايمز للحرب في غزة باستخدام صور الأقمار الاصطناعية وتحليل الأضرار.

الذكاء الاصطناعي والسوشيال ميديا: المساعدة المشروطة

يركز الفصل السابع على منصات التواصل الاجتماعي، ويوضح أن عام 2024 شهد زيادة ملحوظة في المنشورات التي أُنتجت بأدوات الذكاء الاصطناعي. لكنه يشدد على ضرورة التدقيق البشري في هذه المنشورات لمنع نشر محتوى مضلل.

الأخلاقيات وحراسة البوابة

في الفصل الثامن، يناقش المؤلف الجانب الأخلاقي، مستندًا إلى دراسة لـكلية لندن للاقتصاد أظهرت أن 60% من الصحفيين قلقون من فقدان المصداقية بسبب الذكاء الاصطناعي. ويستعرض “ميثاق باريس للصحافة والذكاء الاصطناعي” الصادر عن صحفيون بلا حدود كإطار أخلاقي رائد.

ماذا بعد؟ الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي

في الفصل التاسع والأخير، يعرض سلفيا خلاصة ما توصل إليه: أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة ثورية في خدمة الصحافة، لكن يجب ألا يأتي ذلك على حساب الدقة، والمصداقية، والمسؤولية.

ويختم المؤلف بأن مستقبل الصحافة مع الذكاء الاصطناعي سيظل مرهونًا بمدى وعي المؤسسات الإعلامية في الاستفادة من التقنية دون التخلي عن القيم الأساسية التي بُنيت عليها المهنة.

مشاركة