زلزال 2017 يكشف صدعًا خفيًا بين العراق وإيران.. ماذا بعد؟

زلزال 2017 يكشف صدعًا خفيًا بين العراق وإيران.. ماذا بعد؟

زلزال مدمر يعيد تشكيل خريطة الزلازل في المنطقة

في صباح يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ضرب زلزال عنيف بلغت شدته 7.3 درجات على مقياس ريختر المنطقة الجبلية الحدودية بين العراق وإيران، مخلّفًا أكثر من 630 قتيلًا وآلاف الجرحى، في واحدة من أعنف الكوارث الزلزالية خلال العقود الأخيرة.

اكتشاف الصدع الخفي

بعد سنوات من الكارثة، كشف فريق بحثي عراقي عن السبب الحقيقي للزلزال، وهو ما بات يُعرف علميًا بـ”صدع خانقين”؛ تصدع جيولوجي خفي يمتد من شمال العراق إلى غرب إيران بطول 125 كيلومترًا، ويُصنّف ضمن “الصدوع الدثرية” التي تنتج عن ضغط ضخم يدفع الصخور الأقدم فوق الأحدث بزاوية منخفضة.

رغم أن أغلب امتداد الصدع يقع داخل الأراضي الإيرانية، إلا أن تسميته جاءت نسبة إلى مدينة خانقين العراقية القريبة من مركز الزلزال.

الصدع غير المرئي

بحسب دراسة منشورة في دورية “جورنال أوف آسيان إيرث ساينس”، بقي صدع خانقين غير ظاهر للعين المجردة كونه مغطى بطبقات صخرية تخفي ملامحه السطحية. وأدى زلزال 2017 إلى الكشف عن وجوده، مما أعاد ترتيب أولويات الجيولوجيين فيما يتعلق بالنشاط الزلزالي في المنطقة.

الزلزال الكاشف

وقع الزلزال على عمق 19 كيلومترًا قرب مدينة سربل ذهاب الإيرانية، وعلى بُعد نحو 81 كيلومترًا من خانقين العراقية، مخلّفًا دمارًا واسعًا شمل مدينة داربندخان وحلبجة، وتسبب بتوقف محطة مياه حلبجة بنسبة 50%، وسُجلت أكثر من 240 هزة ارتدادية.

أدلة جيولوجية دامغة

اعتمد الباحثون على صور أقمار صناعية، وخرائط جيولوجية، وتحليلات للحركة التكتونية، وتاريخ الزلازل خلال أكثر من قرن. وتبيّن أن الصدع ما زال نشطًا، مع دلائل أبرزها:

  • الانقلاب الطبقي: حيث انزلقت الصخور الأقدم فوق الأحدث نتيجة لضغط تكتوني هائل.

  • انقطاعات التلال: حواف مفاجئة في التكوينات الجبلية تشير إلى قطع بفعل حركة الصدع.

  • الالتواءات الصخرية: طبقات صخرية منحنية تدل على تعرضها لضغط أفقي أو رأسي.

  • مراوح طميية مهجورة: تغيّر مجاري السيول بفعل ارتفاع أو انحراف الأرض.

الطاقة الزلزالية الموجهة

كشفت الدراسة أن الزلزال بدأ من الشمال واندفع نحو الجنوب، مما أدى إلى توجيه الطاقة الزلزالية الكبرى نحو إيران، رغم أن بعض المناطق العراقية كانت أقرب إلى المركز. وتُعرف هذه الظاهرة بـ”توجيه التمزق”.

أهمية الدراسة وتحذير مستقبلي

يؤكد الباحثون أن أهمية هذه الدراسة لا تقتصر على توثيق زلزال سابق، بل تمثل تحذيرًا واضحًا من زلازل مستقبلية محتملة بسبب النشاط المستمر لصدع خانقين، خاصة أن ملايين السكان يعيشون على امتداده.

ويشير الخبراء إلى أن هذه المعلومات الجديدة تتيح تطوير تصميمات معمارية مقاومة للزلازل، وتحسين توزيع البنية التحتية، فضلًا عن تعزيز قواعد بيانات الزلازل لتحسين الاستعدادات والاستجابة في المستقبل.

مشاركة
الكلمات الدلالية:
إيرانالعراقزلزالصدع