في ظل سباق محموم بين شركات الهواتف الذكية لتقديم أحدث الابتكارات والتقنيات المتقدمة، برز توجه جديد على النقيض تمامًا: هواتف بسيطة تُعرف باسم “الهواتف الغبية”، بدأت تحظى بشعبية متزايدة، خاصة بين أفراد الجيل زد، الذين يسعون إلى الابتعاد عن الضغوط النفسية والمشتتات الرقمية التي فرضتها الهواتف الذكية ومنصات التواصل.

ورغم أن هذه الهواتف تفتقر للعديد من الميزات التقليدية مثل تطبيقات التواصل الاجتماعي وتصفح الإنترنت، إلا أنها تقدم بديلاً صحيًا للحياة الرقمية المكثفة، مع الاحتفاظ ببعض الخصائص الأساسية مثل الخرائط والموسيقى والمكالمات.

الهروب من “عفن الدماغ”

عام 2024، اختارت جامعة أكسفورد مصطلح “عفن الدماغ” (Brain Rot) ككلمة العام، في دلالة على ظاهرة تراجع التركيز والانغماس في المحتوى السريع والاستهلاك الرقمي المفرط. وقد أكدت دراسات عدة دور الهواتف الذكية في تعميق هذه الحالة النفسية والسلوكية، ما دفع كثيرين من المستخدمين — خاصة من الجيل الجديد — إلى البحث عن بدائل أقل ضغطًا وأكثر توازنًا.

توجهات جديدة في عالم التقنية

استجابت شركات تقنية عدة لهذا التحول، من بينها شركة Punkt التي تصف هواتفها بأنها وسيلة لإعادة التوازن الرقمي إلى حياة المستخدمين، موضحة أن جمهورها يضم فئات متنوعة كالمصورين والرياضيين ورواد الأعمال وحتى مديري التسويق الرقمي.

وتشير البيانات إلى تزايد ملحوظ في الطلب على هذه الأجهزة، إذ بلغت مبيعات الهواتف الغبية في الولايات المتحدة عام 2023 نحو 2.8 مليون وحدة، مع توقعات بمزيد من النمو في السنوات المقبلة، وفقًا لتقرير شركة “كاونتر بوينت”.

طرازات متعددة ومزايا متطورة

ومن بين الهواتف الأكثر شهرة، يبرز هاتف Light Phone III، والذي يُصمم ليُستخدم فقط عند الحاجة، ويخلو من المتصفح وتطبيقات التواصل، لكنه يحتوي على خصائص مثل التصوير وتطبيق الخرائط. كما يأتي الهاتف بمواصفات قوية مثل ذاكرة عشوائية 6 غيغابايت وسعة تخزين 128 غيغابايت وشاشة AMOLED بقياس 4 بوصات ومستشعر بصمة ودعم NFC.

أما هاتف Ghost Phone 4، فيقدم كاميرا بدقة 4K مع تقريب بصري وتحديث شاشة 90 هرتز، بينما يوفر هاتف WisePhone II من شركة Techless تجربة مماثلة بمواصفات عالية ولكن دون تطبيقات تشتيتية.

محاكاة التجربة على الهواتف الذكية

إلى جانب اقتناء هاتف غبي جديد، يمكن للمستخدمين محاكاة التجربة على هواتفهم الذكية من خلال أدوات مثل شريحة Unplug Tag التي تعطل تطبيقات التواصل مؤقتًا، أو عبر تطبيقات تحجب متاجر التطبيقات والمتصفحات وألعاب الفيديو.

هل يعود الهاتف البسيط لمواجهة التعقيد الرقمي؟

رغم أن البعض يرى في تسمية “هواتف غبية” نوعًا من التحقير، فإن هذه الأجهزة تقدم مفهومًا مختلفًا للهاتف المحمول، قائمًا على تقليل الإدمان الرقمي واستعادة التركيز الذهني. ومع استمرار الضغوط النفسية الناتجة عن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية، يبدو أن الهواتف البسيطة قد تتحول من بديل إلى ضرورة عند كثيرين في عصر تتزايد فيه الحاجة إلى “ديتوكس رقمي”.

انضم إلى قناة آرام الإخبارية على واتساب وكن أول من يصلك الخبر بدقة وحيادية