أمريكا تخطط لحجب أشعة الشمس.. جدل بشأن طريقة جديدة لتبريد الأرض
لا يزال الجدل محتدمًا حول وثيقة أفادت بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تخطط لحجب أشعة الشمس لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض وإبطاء التغير المناخي.
حقن طبقة “الستراتوسفير” بالهباء الجوي
فمن بين أساليب الهندسة الجيولوجية التي تدرسها إدارة بايدن هي حقن طبقة “الستراتوسفير” وهي إحدى طبقات الغلاف الجوي للأرض بمواد تعكس أشعة الشمس إلى الفضاء الخارجي، باستخدام ما يُعرف بتقنية “تعديل الإشعاع الشمسي”.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن تقنية “حقن الستراتوسفير بالهباء الجوي هي طريقة محتملة للحد من الاحترار المناخي عن طريق عكس أشعة الشمس”.
تتمثل الفكرة في إضافة الهباء الجوي عن قصد إلى طبقة الستراتوسفير لتعكس بعض أشعة الشمس، وسيكون أحد هذه المشاريع هو ضخّ مليارات جزيئات الكبريت في الطبقة العليا من الغلاف الجوي.
وأوضحت الأمم المتحدة على موقعها أن تعديل الإشعاع الشمسي يهدف إلى “تبريد الأرض على المدى القصير عن طريق عكس نسبة صغيرة من ضوء الشمس إلى الفضاء”.
المشكلات الحرجة لهذه الطريقة
وذكرت أنه “في حين أن بعض تقنيات تعديل الإشعاع الشمسي، مثل حقن الستراتوسفير بالهباء الجوي، أكثر نضجًا، كما تجري تجارب في الهواء الطلق بصورة نشطة، لكن لا تزال المشكلات الحرجة لهذه التقنية لم يتم حلها بشكل عام”.
ونقل موقع “الحرة” عن أستاذ المناخ في الجامعة الأمريكية في القاهرة بول مارك: أن الستراتوسفير تعتبر الطبقة الثانية من الغلاف الجوي للأرض على الترتيب عند الاتجاه من الأسفل نحو الأعلى.
ومع ذلك، يحذر مارك من أن العواقب غير المقصودة لهذه التقنية أنها “يمكن أن تؤثر أيضًا على درجات حرارة الستراتوسفير، والدورة الستراتوسفيرية وإنتاج الأوزون ومعدلات تدميره ونقله”.
البيت الأبيض قدّم دعمًا محسوبًا للفكرة
وقدّم البيت الأبيض دعمًا محسوبًا لفكرة دراسة كيفية منع ضوء الشمس من الوصول إلى سطح الأرض كطريقة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك في تقرير صدر بتكليف من الكونغرس يمكن أن يساعد في تفعيل الجهود التي كانت تقتصر في السابق على الخيال العلمي، وفقًا لموقع “بوليتيكو”.
ويقول “مارك” لموقع “الحرة”: إن المفهوم المثير للجدل المعروف باسم تعديل الإشعاع الشمسي هو رد فعل فعال محتمل لمكافحة تغير المناخ، لكن يمكن أن يكون له آثار جانبية غير معروفة ناجمة عن تغيير التركيب الكيميائي للغلاف الجوي.
ووفقًا لـ”بوليتيكو”، يشير تقرير البيت الأبيض الذي صدر في وقت متأخر، الجمعة، إلى أن إدارة بايدن منفتحة على دراسة احتمالية أن يؤدي تغيير مسار ضوء الشمس إلى تبريد الكوكب بسرعة، لكنها أضافت قدرًا من الشكوك بالإشارة إلى أن الكونغرس أمر بالمراجعة، وقالت الإدارة إنها لا تشير إلى أي قرارات سياسية جديدة تتعلق بهذه العملية المرتبطة بالهندسة الجيولوجية.
بحث في آثار تعديل الإشعاع الشمسي
وقال تقرير البيت الأبيض، بحسب “بوليتيكو”: إن برنامج البحث في الآثار العلمية والمجتمعية لتعديل الإشعاع الشمسي من شأنه أن يتيح اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المخاطر والفوائد المحتملة لتعديل الإشعاع الشمسي كعنصر من عناصر السياسة المناخية، إلى جانب العناصر الأساسية للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف معها.
وأضاف التقرير أن “نظام تعديل الإشعاع الشمسي يوفر إمكانية تبريد الكوكب بشكل كبير على نطاق زمني يمتد لبضع سنوات”.
ومع ذلك، قال البيت الأبيض في بيان مصاحب للتقرير: “لا توجد خطط جارية لإنشاء برنامج بحث شامل يركز على تعديل الإشعاع الشمسي”، .
ويرى “مارك” أنه “سواء نجحت هذه التجربة أم لا، فإن اهتمام البيت الأبيض بالتجارب الشمسية يعتبر أمرًا جيدًا بشكل عام”.
الخبراء: مخاوف من زيادات مفاجئة في درجات الحرارة
وأوضح أستاذ المناخ لموقع “الحرة” أن هذا المفهوم أحدث انقسامات بين الخبراء؛ إذ قال بعضهم إنه قد يكون خط الدفاع الأخير ضد الاحترار الشديد إذا فشلت الدول في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بينما حذر آخرون من أنه قد يؤدي إلى الاعتماد على مادة الغلاف الجوي التي إذا تم إيقافها، يمكن أن يؤدي إلى زيادات مفاجئة في درجات الحرارة.
وتم إصدار التقرير، الذي طلبه الكونغرس في تقرير السياسة المصاحب لقانون تخصيصات 2022، في نفس الأسبوع الذي فتح فيه قادة الاتحاد الأوروبي الباب أمام المناقشات الدولية لتعديل الإشعاع الشمسي، كما جاء في أعقاب دعوة من أكثر من 60 من كبار العلماء لزيادة الأبحاث حول هذا الموضوع، بحسب “بوليتيكو”.
بعض الطرق الممكنة للحد من كمية ضوء الشمس
وأوضحت “بوليتيكو” أن الوثيقة المكونة من 44 صفحة تدرس بعض الطرق الممكنة للحد من كمية ضوء الشمس التي تضرب الأرض، والتي قد يكون لها جميعًا عيوب كبيرة.
وقالت أستاذة المناخ في الجامعة الكندية في مصر المحاضرة الزائرة في جامعة بريستول في بريطانيا سلمى فكري، لموقع “الحرة”: إن إحدى الطرق الممكنة التي تفكر بها الدول حاليًا تتمثل في مضاعفة كمية الهباء الجوي في الستراتوسفير لعكس أشعة الشمس بعيدًا عن الكوكب، وهي عملية يمكن أن تحدث بشكل طبيعي بعد انفجار بركاني كبير، وتشمل بعض الطرق الأخرى إما زيادة الغطاء السحابي فوق المحيطات وإما تقليل كمية السحب الرقيقة التي تحلّق على ارتفاع عالٍ، والتي تعكس الإشعاع الشمسي إلى الأرض.
أي إجراء يتم بتعاون دولي مناسب
وأضافت أن هناك مخاطر مرتبطة بكل شكل من أشكال تعديل الإشعاع الشمسي، والتي يمكن أن تؤثر على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي والجغرافيا السياسية، وتابعت: “وذلك لأن تعديل ضوء الشمس يمكن أن يغيّر أنماط الطقس العالمية، ويعطل الإمدادات الغذائية، ويؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة مفاجئ إذا تم نشر هذه الممارسة على نطاق واسع ثم تم إيقافها”.
وأكدت “فكري” أن أي بحث محتمل حول تعديل الإشعاع الشمسي يجب إجراؤه بالتعاون الدولي المناسب، مشيرةً إلى أن صانعي السياسة في الاتحاد الأوروبي أبدوا استعدادهم لبدء مناقشات دولية حول ما إذا كان بإمكان البشرية الحد من ارتفاع درجة حرارة الشمس وكيفية ذلك.
تحذير من انخفاض خطر في مستوى الأوزون
وحذر جون بايل الرئيس المشارك للجنة العلمية التي تعمل في مجال الأوزون لحساب الأمم المتحدة من أن ضخّ الجسيمات في الغلاف الجوي “يمكن أن يؤدي إلى انخفاض خطر في مستوى الأوزون”، مضيفًا: “هناك الكثير من الشكوك”.