العراق على حافة “قحط مائي”: 9 ملايين مواطن مهددون بالعطش

العراق على حافة “قحط مائي”: 9 ملايين مواطن مهددون بالعطش

لم تعد الأزمة المائية في العراق مجرد ملف بيئي أو زراعي عابر، بل تحوّلت إلى قضية وجودية تهدد حياة الملايين. فبينما ينشغل العراقيون والسياسيون بالانتخابات والملفات الداخلية، تزداد حدة الأزمة المائية يوماً بعد آخر، لتتصدر إلى جانب الأزمة المالية قائمة “الرعب المؤجل” الذي قد يعصف بالبنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

مياه الشرب في خطر لأول مرة
خلال السنوات الخمس الماضية، تكررت أزمة الجفاف في الأنهر العراقية حتى أصبحت مشاهد ضفاف دجلة والفرات الجافة مألوفة، لكن الجديد هذه المرة أن الخطر بات يهدد مياه الشرب مباشرة، وليس فقط الزراعة كما كان في السابق.
فقد بدأت ملوحة المياه وسمّيتها ترتفع في محافظات الجنوب، فيما تشهد مناطق أخرى احتجاجات متكررة تطالب بتوفير مياه صالحة للشرب.

أدنى إيرادات مائية في تاريخ العراق
ووفقاً لتصريحات نيابية حديثة، فإن الإطلاقات المائية القادمة إلى العراق لا تتجاوز 150 متراً مكعباً في الثانية فقط — وهو أدنى معدل تسجله البلاد في تاريخها.

ولفهم هذا الرقم بصورة أوضح، فإن العراق يتسلم حالياً نحو 13 مليار لتر من المياه يومياً، بينما تبلغ الحاجة الفعلية للسكان نحو 16 مليار لتر، ما يعني وجود عجز يومي يقارب 3 مليارات لتر من مياه الشرب والاستخدام المنزلي.

 وبحسب تقديرات مختصين، فإن هذا يعني أن قرابة 9 ملايين عراقي مهددون بعدم الحصول على المياه إذا استمرت الأزمة بالمستوى الحالي.

 كما تشير البيانات إلى أن على المواطنين خفض استهلاكهم من 350 لتراً يومياً إلى 280 لتراً فقط في حال أرادوا تقاسم النقص بالتساوي.

نحو “حالة طوارئ مائية”
نواب في البرلمان طالبوا الحكومة بإعلان “حالة طوارئ مائية” عاجلة، محذرين من أن البلاد لا تواجه “شحّة” فحسب، بل تسير نحو مرحلة القحط الحقيقي، في ظل استمرار تراجع الإطلاقات المائية من دول الجوار، وضعف الخزين الإستراتيجي في السدود والأنهار.

تحدٍ مزدوج: مائي ومالي
تأتي الأزمة المائية في وقت حساس يتزامن مع تراجع أسعار النفط العالمية، ما يضع الحكومة العراقية أمام تحدٍّ مزدوج: أزمة مالية خانقة وأزمة مياه غير مسبوقة، تهدد الأمن الغذائي والصحي في البلاد.

ويؤكد خبراء أن الحلول تحتاج إلى تحرك وطني عاجل واستراتيجية مستدامة تشمل:

  • مفاوضات مائية جادة مع دول المنبع.

  • تطوير شبكات الري الحديثة للحد من الهدر.

  • إطلاق برامج لترشيد الاستهلاك في المدن.

  • الاستثمار في تحلية المياه وإعادة التدوير.

مشاركة