منذ توليه منصب رئيس وزراء العراق في أكتوبر 2022، واجه محمد شياع السوداني تحديات جسيمة، ولكنه تمكن من تحقيق إنجازات ملحوظة ساهمت في تعزيز مكانته كرئيس وزراء فعال. تولى السوداني هذا المنصب في خضم أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة، إلا أنه استطاع خلال فترة قصيرة رسم مسار حكومته نحو الاستقرار.

تعزيز العلاقات الخارجية

على الصعيد الخارجي، شهدت علاقات العراق مع جيرانه تحسنًا ملحوظًا. نجح السوداني في تقوية العلاقات مع دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، من خلال توقيع اتفاقيات اقتصادية متعددة. وفي الوقت نفسه، استمر في تعزيز التعاون مع إيران في مجالات الطاقة والمياه. كما عمل على توطيد علاقات العراق مع الولايات المتحدة وأوروبا، مما ساهم في تعزيز موقعه في السوق النفطية العالمية.

مكافحة الفساد

أحد أبرز أولويات السوداني كان مكافحة الفساد، حيث أطلق عدة مبادرات لملاحقة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة. في أكتوبر 2023، أعلن عن خطة شاملة تعزز مؤسسات الرقابة والمحاسبة، ونجح في اعتقال شخصيات متورطة وإعادة مئات الملايين من الدولارات إلى خزينة الدولة، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة النزاهة في المؤسسات الحكومية.

استعادة الاستقرار السياسي

عندما استلم السوداني السلطة، كان العراق يعاني من أزمة سياسية خانقة نتجت عن احتجاجات شعبية مستمرة وعدم القدرة على تشكيل حكومة مستقرة. عبر سياسات الحوار الوطني والتوافق، تمكن السوداني من تشكيل حكومة تضم التيارات السياسية الرئيسية، مما ساعد في تحسين العلاقة مع حكومة إقليم كردستان عبر التفاوض على اتفاقيات تقاسم الموارد النفطية.

تحسين مستوى الخدمات العامة

شهدت الخدمات العامة في العراق تحسنًا ملحوظًا منذ تولي السوداني المنصب. تم تخصيص ميزانيات كبيرة لإعادة بناء منظومات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية في مجالات النقل والاتصالات. وفي قطاع الصحة، تم افتتاح مستشفيات جديدة وتوسيع المرافق الصحية، مع التركيز على توفير الأدوية والمعدات الطبية الحديثة.

الأمن ومكافحة الإرهاب

رغم تحرير معظم الأراضي العراقية من تنظيم “داعش”، لا تزال الخلايا الإرهابية تشكل تهديدًا. تحت قيادة السوداني، تم تعزيز جهود مكافحة الإرهاب من خلال التعاون الأمني مع التحالف الدولي والدول المجاورة، مما ساهم في تقليل الهجمات الإرهابية.

الإصلاحات الاجتماعية وحقوق الإنسان

على الرغم من التحديات، حققت حكومته بعض التحسينات في مجال حقوق الإنسان. أطلقت مبادرات لدعم حقوق المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، بالإضافة إلى تحسين أوضاع الأقليات. كما تم زيادة مخصصات الدعم للفئات ذات الدخل المحدود وإطلاق برامج تدريبية للشباب.

الإصلاح الاقتصادي والمالي

واجه السوداني اقتصادًا متأثرًا بانخفاض أسعار النفط والفساد. ومع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الصادرات، تمكن العراق تحت قيادته من تحقيق فائض مالي، استخدم لتمويل مشاريع تنموية في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم. كما أطلق خطة لتنويع الاقتصاد عبر دعم القطاع الزراعي والصناعي، وتفعيل مبادرات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

البيئة والتنمية المستدامة

مع التغيرات المناخية، أطلقت الحكومة مبادرات لمعالجة التحديات البيئية مثل التصحر وتلوث المياه، وبدأت برامج للطاقة المتجددة بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

التحديات المستقبلية

رغم هذه النجاحات، تواجه حكومة السوداني تحديات كبيرة، منها الفساد المتجذر والإصلاحات الاقتصادية التي تتطلب وقتًا. التوترات الإقليمية، خصوصًا في لبنان وغزة، قد تؤثر أيضًا على استقرار العراق.

في الختام، يمكن القول إن محمد شياع السوداني قد أحرز تقدمًا ملحوظًا خلال فترة حكمه القصيرة، لكن الطريق نحو التغيير المستدام لا يزال مليئًا بالتحديات.