ماذا بعد الاتفاق المائي بين العراق وتركيا؟

في تطور يعكس المساعي الجادة لمعالجة أزمة المياه التاريخية، أعلن العراق التوصل إلى مسودة اتفاق إطاري مع تركيا لإدارة الموارد المائية المشتركة، تمهيداً لتوقيع الاتفاق النهائي في بغداد قريباً، وبمشاركة شركات تركية لتنفيذ مشاريع إروائية وبناء سدود لحصاد المياه.
أزمة تاريخية وطلب عراقي عاجل
جاء هذا الاتفاق بالتزامن مع طلب رسمي من وزارة الموارد المائية العراقية لزيادة الإطلاقات في نهري دجلة والفرات بمقدار مليار متر مكعب خلال الشهرين المقبلين، أي بواقع 500 م³/ثا لكل نهر، في ظل تراجع الإيرادات المائية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1933.
وأكد الوزير عون ذياب أن العام الحالي هو “الأصعب مائياً في تاريخ العراق”، مشيراً إلى أن الإيرادات انخفضت إلى 27% من معدلاتها السابقة، بينما لا تتجاوز مخزونات السدود 8% من طاقتها الكلية.
ورقة الضغط الاقتصادية
يرى خبراء اقتصاديون أن نجاح العراق في هذا الملف مرهون باستخدام أوراقه الاقتصادية، إذ يبلغ حجم الواردات التركية إلى العراق نحو 16 مليار دولار سنوياً مقابل صادرات عراقية لا تتجاوز مليار دولار، وهو ما يمنح بغداد ورقة ضغط تفاوضية مؤثرة يمكن توظيفها لضمان حقوقها المائية.
ويؤكد الاقتصاديون أن تنظيم الحصص المائية سيعيد الحياة إلى القطاع الزراعي، ما ينعكس على الاقتصاد الوطني بتقليل الاستيراد وتحسين فرص العمل.
تحديات اجتماعية واقتصادية
تسببت أزمة الجفاف في انكماش الرقعة الزراعية بنسبة 50%، وتراجع إنتاج المحاصيل وهجرة آلاف الفلاحين نحو المدن. كما أثرت على مياه الشرب والخدمات، مع توقعات بانخفاض نصيب الفرد من المياه إلى 479 متراً مكعباً سنوياً بحلول 2030، مقارنة بالمعيار العالمي البالغ 1700 متراً مكعباً.
اتفاق غير ملزم وتحذيرات من التراخي
في المقابل، يرى خبراء مائيون أن الاتفاق الإطاري الحالي غير ملزم ولا يحدد حصص العراق بشكل واضح، معتبرين أن ضعف الموقف التفاوضي العراقي وعدم تفعيل أدوات الضغط الدولية أسهما في استمرار الأزمة.
وحذّروا من أن تأجيل الحلول الحاسمة قد يؤدي إلى “تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة”، تهدد الأمن الغذائي والاستقرار الداخلي، في ظل توقف الخطط الزراعية الصيفية والشتوية.