منحة بحثية بقيمة 14.2 مليون دولار لاستكشاف أعمق أسرار الجسم البشري

أكد فريق من الباحثين أن الجسم البشري يمتلك حاسة سادسة خفية تُعرف باسم “الحس الداخلي” (Interoception)، وهو اكتشاف علمي يغير المفهوم التقليدي السائد منذ قرون حول أن الإنسان يمتلك خمس حواس فقط.

ما هو “الحس الداخلي”؟

الحس الداخلي هو نظام معقد في الجهاز العصبي يمكّن الدماغ من مراقبة الإشارات الفسيولوجية من الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والمعدة بشكل مستمر، مما يساعد على تنظيم الوظائف الحيوية دون وعي منا.

ومن خلال هذه الحاسة، يستطيع الدماغ التعرف على متى يحتاج الجسم للتنفس، أو عند انخفاض ضغط الدم، أو في حالات مكافحة العدوى، وهو ما يُعد جوهر الحفاظ على التوازن الحيوي الداخلي (Homeostasis).

منحة بحثية ضخمة لاستكشاف الحاسة السادسة

حصل فريق بحثي من معهد سكريبس للأبحاث (Scripps Research Institute) على منحة قدرها 14.2 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة الأميركية (NIH) لتمويل مشروع يهدف إلى فهم آليات الحس الداخلي وكيفية ارتباطه بالصحة النفسية والجسدية.

وقال البروفيسور شين جين، قائد جزء من الدراسة:

“الحس الداخلي أساسي لكل جانب من جوانب الصحة، لكنه ظل حدوداً غير مكتشفة في علم الأعصاب لسنوات طويلة”.

تاريخ المفهوم العلمي للحس الداخلي

تعود فكرة الحس الداخلي إلى العالم البريطاني تشارلز شيرينغتون في أوائل القرن العشرين، لكنه ظل مفهومًا مهملاً في الأبحاث حتى العقد الأخير.

ويكمن الفرق الجوهري بين الحواس الخمس المعروفة (كالشم واللمس والبصر والسمع والتذوق) وبين الحس الداخلي، في أن الحواس التقليدية تركز على العالم الخارجي وتعتمد على أعضاء متخصصة، بينما يعمل الحس الداخلي عبر شبكات عصبية مترابطة داخل الجسم تتابع نشاط الأعضاء الداخلية على نحو دقيق ومتواصل.

تحديات تواجه العلماء في دراسة الحاسة الجديدة

يشير الباحثون إلى أن دراسة الحس الداخلي تمثل تحديًا علميًا كبيرًا، إذ تنتشر الإشارات العصبية الصادرة من الأعضاء الداخلية بشكل واسع ومتداخل، وتخترق الخلايا العصبية الحسية أنسجة القلب والرئتين والمعدة والكلى دون وجود حدود تشريحية واضحة.

ويأمل العلماء أن يساهم هذا البحث في فهم أعمق لعلاقة الدماغ بالجسم، وتطوير علاجات جديدة لاضطرابات القلق، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، التي يُعتقد أنها ترتبط بخلل في الإحساس الداخلي للجسم.