قبل الطائرات.. هكذا بدأت أميركا استخدام السماء في الحروب!

بدايات سلاح الجو الأميركي.. عندما بدأت السماء بالبوالين
الولايات المتحدة تملك أقوى سلاح جو في العالم
تُعد الولايات المتحدة الأميركية اليوم صاحبة أقوى وأكبر سلاح جو في العالم، بميزانية تتجاوز 200 مليار دولار، ما يضعها في صدارة الدول من حيث القوة الجوية بفارق شاسع عن أقرب منافسيها. إلا أن بدايات هذا التفوق الجوي تعود لفترة الحرب الأهلية الأميركية (1861–1865)، حين ظهرت أولى محاولات استخدام الهواء كساحة للعمليات العسكرية.
البالونات في سماء الحرب الأهلية
في إطار سعي قوات الاتحاد للاستفادة من التقدم العلمي آنذاك، لجأت لاستخدام البالونات في مهام الاستطلاع والتجسس خلال الحرب الأهلية. وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 1861، تأسس أول فيلق بالونات تابع لجيش الاتحاد بقيادة العالم والمخترع ثاديوس لوي (Thaddeus S. C. Lowe)، بتوجيه مباشر من الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن.
ثاديوس لوي.. العقل خلف الفكرة
برز اسم لوي كمبتكر طموح في مجال الطيران، حيث كان يخطط عام 1861 لعبور المحيط الأطلسي باستخدام أحد بالوناته. في 11 حزيران/يونيو من نفس العام، التقى بلينكولن وحلّق فوق واشنطن على متن بالونه “أنتربرايز”، مقدماً وصفاً دقيقاً لما رآه من السماء، مما نال إعجاب الرئيس ودفعه لتكليفه بإنشاء وتولي قيادة فيلق البالونات.
دور البالونات في المعارك
امتلك فيلق البالونات خلال ذروته ثمانية بالونات، شاركت في مهام تحديد مواقع القوات الكونفدرالية وأعدادها. استخدمت هذه الوسيلة الجوية في معارك كبرى مثل حصار يوركتاون، سيفن بينس، أنتياتام، وفريديريكسبرغ، وقدمت دعمًا استخباراتيًا ثمينًا لقوات الاتحاد. حتى أن الاتحاديين أنشأوا مراكب خشبية قادرة على نقل البالونات، أطلق عليها لقب “حاملات البالونات”.
رد الفعل الكونفدرالي ونهاية الفيلق
بدورهم، سعى الكونفدراليون لتقليد هذا التكتيك، فطوروا بالونات مشابهة للاستطلاع. إلا أن مسيرة فيلق البالونات لم تدم طويلًا، فمع إصابة لوي بالملاريا عام 1863 وابتعاده مؤقتًا، تمت مصادرة معداته من قبل القيادة العسكرية وإلحاقها بوحدة هندسية يقودها الكابتن سايروس كومستوك، الذي قام بتقليص راتبه. شعر لوي بالإهانة وقرر مغادرة الجيش.
مع رحيله، تولى آخرون مسؤولية الفيلق، لكنهم فشلوا في إدارته بسبب نقص الخبرة، لينتهي العمل به رسميًا في آب/أغسطس 1863.
إرث مبكر في تاريخ الطيران العسكري
رغم أن التجربة لم تستمر طويلاً، فإن فيلق البالونات يُعد من اللبنات الأولى التي وضعت أساسًا لاستخدام الفضاء الجوي في الصراعات العسكرية، وهو ما تطور لاحقًا ليصبح أحد أهم أركان القوة العسكرية الأميركية المعاصرة.