بعد انتهاء عطلته التشريعية.. واجبات كبيرة تنتظر البرلمان العراقي في فصله التشريعي الثاني
بدأ مجلس النواب العراقي فصله التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثالثة بعد انتهاء عطلته التشريعية أمس الثلاثاء، فيما دعت رئاسة البرلمان النواب واللجان والكتل النيابية إلى استئناف أعمالهم التشريعية والرقابية، دون تحديد موعد الجلسة المقبلة لـ”إكمال الاستحقاقات التشريعية والرقابية الملقاة على عاتق مجلس النواب”، وفق بيان لرئاسة البرلمان.؟
وكان مجلس النواب قد صوت في فصله التشريعي الأول “على قانون الموازنة وقانون الأمن الوطني، وكذلك التصويت على مشاريع قوانين عديدة، فضلاً عن قراءة أولى وثانية لبعض القوانين، فيما لم تغب الاستضافات والاستجوابات عنه التي انتهت بإقالة مدير شبكة الإعلام العراقي ورئيس هيئة الأمناء”، وفق العضو عن تحالف ادارة الدولة، النائب علي نعمة البنداوي.
ويؤكد البنداوي، أن “اللجان النيابية جميعها فاعلة ولديها اجتماعات واستضافات ولقاءات ونزول ميداني، وباشر مجلس النواب أعماله بالفصل التشريعي الثاني منذ أول أمس، حيث دعت رئاسة البرلمان إلى ضرورة الالتحاق باللجان ومتابعة أعمالهم اليومية، رغم أن عملنا الرقابي كان مستمراً طوال العطلة التشريعية، فهي عطلة كانت من جانب تشريع القوانين فقط”.
ويضيف البنداوي، أن “مجلس النواب ينتظر الكثير من القوانين، وأن كل اللجان لديها مجموعة من القوانين المهمة، لكن أغلب القوانين لا يقترحها مجلس النواب بل هي تأتي من الحكومة خاصة التي فيها جنبة مالية، على اعتبار أن الحكومة على دراية بالأموال وطرق الإنفاق”.
وعن قوانين لجنة الأمن والدفاع الذي هو عضو فيها، يوضح البنداوي، أن “قانون الأمن الوطني تم الانتهاء منه بعد أن كان مؤجلاً منذ أربع دورات، ولدى اللجنة خلال هذا الفصل قانون المخابرات وقانون الجرائم المعلوماتية المعطل من دورات سابقة، ونأمل التصويت عليهما خلال الفترة المقبلة وغيرهما من القوانين”.
150 مشروعاً ومقترح قانون
من جهته، يقول عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب أوميد محمد أحمد، إن “هناك أكثر من 150 مشروعاً ومقترح قانون متراكم منذ أول دورة للبرلمان إلى يومنا هذا، منها ما وصل إلى القراءة الثانية وبعضها لا يزال في القراءة الأولى وقسم آخر مجرد مسودة، سواء من التي أرسلتها الحكومة أو مقترحات طرحتها اللجان النيابية أو مجموعة من أعضاء البرلمان”.
ويشير أحمد ، إلى أن “في الفصل التشريعي السابق تم إنشاء جدول للقوانين الأهم التي تمس المواطن بشكل مباشر، وتم الاتفاق على آلية لتشريع القوانين غير الجدلية وتتفق عليها جميع الكتل السياسية، لكن لحد الآن لا يوجد جدول معين لتشريع القوانين غير الجدلية، ومن المفترض ان تبدأ الجلسات يوم أمس لانتهاء العطلة التشريعية وتم استئناف عمل اللجان، لكن لم يحدد يوم لعقد الجلسة، وعند بدء الجلسات سيتم تحديد القوانين المهمة”.
“الفشل يتعاظم” لعدم حسم رئيس البرلمان
لكن في المقابل، يرى المحلل السياسي، د.غازي فيصل، أن “غياب رئيس مجلس نواب منذ 7 أشهر بجانب انعدام التوافق والوفاق بين الأحزاب السياسية المختلفة والتحالفات سواء الشيعية أو السنية أو غيرها نحو إصدار أكثر من 50 قانون أشارت لها المواد الدستورية بوضوح وهي تستهدف هذه القوانين تسهيل تنفيذ المواد الدستورية”.
ويضيف فيصل ، أن “العجز والفشل خلال أكثر من 20 عاماً من تشريع قانون يتعلق بالنفط والغاز على سبيل المثال، كان سبباً في العديد من المشكلات والأزمات بين إقليم كوردستان وبغداد، خصوصاً ما يتعلق بالاستثمارات والشركات وتصدير النفط من الإقليم عن طريق جيهان في تركيا، كما سبب منع استمرار تصدير النفط عن طريق جيهان بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار من الاقتصاد العراقي، وفشلت جميع الاتفاقيات بين الطرفين من أجل تحقيق عودة تصدير النفط عن طريق جيهان”.
ويتابع فيصل، حديثه، “وإذا أخذنا المادة 140 التي تلزم التنفيذ بعد سنتين مع أول حكومة منتخبة وبرلمان منتخب في عام 2005، نلاحظ عدم التزام الحكومة في حينها بتطبيق هذه المادة خلال السنتين وتصفية المشكلات المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها في كركوك وأطرافها، وكذلك القانون الخاص بتنظيم العلاقة ما بين البيشمركة كقوات مقاتلة نظامية والقوات المسلحة العراقية”.
ويكمل، “وأيضاً مشروع قانون العفو العام على سبيل المثال الذي يفترض أن يستهدف العفو عن المعتقلين والمسجونين لأسباب سياسية، لكن بقى هذا القانون متعثراً ولم تلتزم الأحزاب المعنية أو التي تمتلك الأغلبية في البرلمان وفي العملية السياسية من تشريع هذا القانون أسوة ببقية دول العالم”.
ويوضح، أن “عدم وجود اتفاق وتوافق علّق إصدار قانون للمحكمة الاتحادية كما يشير الدستور بوضوح، وأن هذا القانون هو الذي ينظم عمل المحكمة الاتحادية التي بقيت حتى يومنا هذا مشكلة طبقاً لقانون إدارة الدولة في عهد بول بريمر ولم يتم إصدار قانون جديد منذ عام 2005 طبقاً لدستور 2005، إضافة إلى العديد من القوانين المهمة لتنظيم الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية طبقاً للدستور المذكور”.
ويرى فيصل، أن “هذا الفشل سيستمر ويتعاظم في السلطة التشريعية بسبب عدم حسم منصب رئيس البرلمان وانتخابه المقرر والمحدد في الدستور بثلاثة أيام بعد إقالة أو وفاة رئيس البرلمان يتم انتخاب رئيس جديد، لكن اليوم بعد أكثر من 7 أشهر على إقالة الحلبوسي نجد هناك فراغاً سياسياً خطيراً في السلطة التشريعية، وهو أيضاً بسبب عدم وجود توافق حقيقي جدي بين الأحزاب السنية لتشكيل أغلبية ترشح رئيس للبرلمان وتنتخب هذا الرئيس، وبين استمرار عدم وجود هذه الأغلبية واستمرار (تقدم) بالتشبث باعتباره هو الذي يشكل أغلبية، وبالتالي هو الذي يرشح رئيس جديد للبرلمان”.
وزاد، “لذلك نحن أمام نموذج لصراعات عميقة وخطيرة وتناقضات بين الأحزاب السنية وبين الأحزاب الموجودة في الإطار التنسيقي التي لم تتوافق على شخصية لانتخابها بالتنسيق مع الأغلبية السنية في البرلمان لتجاوز ملف انتخاب رئيس جديد للبرلمان”.
وخلص فيصل إلى القول، إن “كل هذا يعكس فشلاً ذريعاً للأحزاب في العملية السياسية في الالتزام بتطبيق المواد الدستورية منذ دستور 2005 وإلى اليوم، وأيضاً عدم الالتزام بالمواد الدستورية في إطار الحكم وتنظيم إدارة الدولة وعدم التزام الأحزاب السياسية خصوصاً الإطار التنسيقي بما تم تبنيه من اتفاقات في إطار تحالف الدولة عندما شُكلت حكومة السوداني والمنهاج الحكومي والذي تضمن مطالب جوهرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني والتي لم يتم الالتزام بتنفيذها كما لم يتم الالتزام بتنفيذ المطالب التي طرحتها الأحزاب السنية بما يتعلق بالعفو العام وجرف الصخر وعودة النازحين والتعويضات وإطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية وغيرها من التفاصيل التي ثُبتت بالاتفاقات، لذلك نحن أمام فراغ سياسي وتشريعي ومجتمعي، ونأمل من الأحزاب السياسية أن تعود لرسم خارطة طريق لمجابهة مختلف هذه التحديات”.
“النواب محللون سياسيون”
وفي الموقف نفسه، يقول رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسات، د.عباس الجبوري، إن “الكثير من المواطنين فقدوا الأمل بهذا البرلمان لنسبة التقاعس الكبيرة التي حصلت وتحول البرلمان إلى برلمان صراعات سياسية وجدالات وشتائم وكلمات بذيئة بدليل ما حصل في آخر جلسة لانتخاب رئيس البرلمان”.
ويوضح الجبوري، أن “البرلمان لم يستطع انتخاب رئيس له منذ 7 أشهر رغم وجود الآليات والمنصب محسوم لمكون معين لكن الصراع السياسي داخل البرلمان والأجندات التي دخلت عليه هي التي تعطل الجلسات، بدليل عندما جرت الجولة الأولى كان يفترض أن تستمر الجولة الثانية وينتهي الأمر، لكن حصلت اتصالات من خارج البرلمان وضغطت على رئاسة البرلمان لتعطيل الجلسة، لذلك من المستبعد أن ينجز البرلمان شيئاً”.
ويكشف الجبوري عن وجود “أكثر من 140 قانون معطل لا يزال على الرف مرحل من الدورة الأولى وإلى الآن، ومن هذه القوانين هو قانون الحشد الشعبي والنفط والغاز والمحكمة الاتحادية ومفوضية الانتخابات والعدالة الاجتماعية والتقاعد وسلم الرواتب وقوانين كثيرة لا تزال على الرفوف ولم يتم حسمها”.
ويتابع، “لذلك لا يرتجى شيء من البرلمان فهو سيعقد جلساته وسينشغل بأمور ويناقش قوانين ليس لها مساس بحياة الناس وبالتالي يبدأ الصراع والجدال على انتخاب رئيس البرلمان وهكذا، فيما أصبح جزء كبير من النواب يتجولون في الوزارات وتحولوا إلى معقبين من أجل إنجاز بعض المعاملات لناخبيهم وهذه ليست من مهام النائب”.
ويكمل الجبوري، حديثه: “كما أن الجزء الآخر من النواب أصبح محللاً سياسياً يظهرون على الفضائيات يحللون بدل تشريع القوانين ومراقبة الأعمال في ظل الفساد الذي أصبح لأعلى مستوى، لذلك حال البرلمان كما هو حال مجالس المحافظات التي لم تنجز أي شيء وجزء منها معطل ولم يحسم حتى الآن كما هو الحال في محافظتي ديالى وكركوك التي لم يتم انتخاب محافظ لهما لحد اليوم”.