حقل غرب القرنة 2.. العملاق النفطي الذي يقود مستقبل إنتاج العراق

أحد أكبر الحقول في العالم بإنتاج يناهز نصف مليون برميل يوميًا واحتياطيات تتجاوز 14 مليار برميل
في سبعينيات القرن الماضي، اكتشف الجيولوجيون السوفيت حقل غرب القرنة 2 النفطي، الذي يُعد اليوم من أضخم الحقول النفطية في العالم وركيزة أساسية في الاقتصاد العراقي.
يقع الحقل على بُعد نحو 65 كيلومترًا شمال غرب محافظة البصرة، ويمتد على مساحة تبلغ 340 كيلومترًا مربعًا.
ويُسهم الحقل في تعزيز مكانة العراق في سوق الطاقة العالمية، إذ يُعوَّل عليه في دعم خطط البلاد لرفع إنتاجها إلى 8 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل ومشروعات التنمية المجتمعية في جنوب البلاد.
مشروع استراتيجي بإدارة روسية – عراقية مشتركة
تتولى شركة لوك أويل الروسية (Lukoil) تشغيل الحقل بنسبة 75%، فيما تمتلك شركة نفط الشمال الحكومية التابعة لوزارة النفط العراقية حصة 25%، وفقًا لمنصة غلوبال إنرجي مونيتور.
وبدأ التطوير الأولي للحقل عام 1997، لكنه توقف بسبب العقوبات الأميركية، قبل أن يُستأنف في 2009 عبر عقد تطوير مع لوك أويل وستات أويل (Statoil) النرويجية.
وفي عام 2012، انسحبت ستات أويل من المشروع لتنتقل حصتها إلى لوك أويل بالكامل، ما عزز السيطرة الروسية الفنية على إدارة الحقل.
وفي نوفمبر 2023، تم توقيع اتفاقية تكميلية لعقد التطوير، تضمنت تحسين الشروط وتمديد العقد حتى عام 2045، ما يضمن استقرار عمليات الإنتاج والاستثمار لعقود قادمة.
احتياطيات ضخمة وإنتاج متسارع
يُقدّر حجم الاحتياطيات القابلة للاستخراج في حقل غرب القرنة 2 بنحو 14 مليار برميل من النفط الخام، تتركز أكثر من 90% منها في مكمني المشرف واليمامة.
ويبلغ الإنتاج الحالي للحقل نحو 480 ألف برميل يوميًا، منها 450 ألفًا من مكمن المشرف و30 ألفًا من مكمن اليمامة، وهو ما يمثل 10% من إنتاج العراق الكلي و15% من صادراته النفطية.
وفي نوفمبر 2021، احتفل العراق بوصول الإنتاج التراكمي للحقل إلى مليار برميل، بإيرادات تجاوزت 40 مليار دولار.
وتخطط شركة لوك أويل لزيادة الإنتاج إلى 800 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2027، عبر توسعة المرافق وتطوير آبار جديدة.
تطور ميداني مستمر منذ عقدين
بدأ الإنتاج التجاري من الحقل في مارس 2014 بمعدل 120 ألف برميل يوميًا، ووصل بنهاية العام نفسه إلى 380 ألف برميل يوميًا.
وفي 2017، أنجزت لوك أويل مسحًا زلزاليًا ثلاثي الأبعاد على مساحة 450 كيلومترًا مربعًا لتحديث النموذج الجيولوجي للحقل، تبعته خطة تطوير جديدة عام 2018 شملت حفر 57 بئرًا إنتاجية وإنشاء منشآت معالجة مركزية بطاقة 400 ألف برميل يوميًا.
كما جرى تركيب توربينات غازية بقوة 126 ميغاواط ومنشآت لمعالجة المياه والغاز المصاحب، إلى جانب بنية تحتية حديثة تشمل خزانات تخزين ضخمة وأنظمة تصدير متطورة.
نقل النفط إلى الأسواق العالمية
يُنقل النفط المستخرج من حقل غرب القرنة 2 عبر مشروع أنابيب “طوبا – الفاو” الذي يمتد بطول 120 كيلومترًا إلى مزرعة خزانات الفاو على ساحل الخليج العربي، ما يسهل تصديره إلى الأسواق الآسيوية والعالمية.
أهمية استراتيجية في سوق الطاقة العالمية
يمثل حقل غرب القرنة 2 ركيزة رئيسية في خطة العراق لتنويع إنتاجه النفطي وتعزيز صادراته، إذ يُعد من أهم الأصول الإستراتيجية القادرة على دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التوازن المالي، مع التزام بغداد بمشروعات الاستثمار في الغاز المصاحب للحد من حرقه وتحسين الكفاءة البيئية.
ويُتوقع أن يظل الحقل عنصرًا محوريًا في مزيج الطاقة العراقي حتى منتصف القرن الحالي، مع استمرار التعاون الروسي–العراقي في تطوير الحقول العملاقة الأخرى في الجنوب.