كيف يغيّر ذوبان الهيمالايا مستقبل المياه في آسيا؟
فقدان ثلث جليد نيبال خلال 30 عامًا وتحذيرات من خسارة 80% من الجليد بنهاية القرن
أصدر علماء المناخ تحذيرًا عالميًا جديدًا بشأن تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا، مؤكدين أن الظاهرة لا تُظهر أي علامات على التباطؤ، وقد تؤدي إلى عواقب بيئية واقتصادية وخدمية خطيرة على مستوى العالم.
خسائر مقلقة في جليد الهيمالايا
تشير دراسة صادرة عن المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة (ICIMOD) إلى أن مناطق جبال الهيمالايا تفقد كتلتها الجليدية بمعدل غير مسبوق.
فقدت نيبال نحو ثلث جليدها خلال العقود الثلاثة الماضية، فيما يتوقع العلماء أن تفقد منطقة هندوكوش–الهيمالايا ما يصل إلى 80% من حجم جليدها بحلول نهاية القرن الحالي.
وبحسب الدراسة، فإن الأنهار الجليدية في المنطقة تفقد 22 مليون غيغا طن من الجليد سنويًا، أي ما يعادل نحو 9 ملايين مسبح أولمبي، وهو معدل غير كافٍ لتعويض الذوبان المتزايد.
خطر على الأمن المائي والغذائي
قالت إيزابيلا كوزيل، نائبة المدير العام للمركز، إن “الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا تشكل جزءًا أساسيًا من نظام الأرض، إذ يعتمد نحو ملياري شخص في آسيا على المياه الناتجة عنها”.
وأضافت: “فقدان هذه الكتل الجليدية سيؤدي إلى اضطراب تدفق الأنهار، ما يهدد الأمن المائي والغذائي والطاقة لمئات الملايين من الناس”.
كما حذّرت الدراسة من أن انفجار البحيرات الجليدية قد يسبب فيضانات كارثية، تعقبها فترات جفاف طويلة تُضعف الزراعة وإنتاج الطاقة في المنطقة.
آثار تمتد إلى العالم
لا تقتصر المخاطر على آسيا فقط، إذ يُسهم ذوبان جليد الهيمالايا في ارتفاع مستوى البحار عالميًا، مما يؤدي إلى تآكل السواحل، وزيادة العواصف، وتملّح مصادر المياه العذبة في المناطق الساحلية.
وأكد التقرير أن استمرار هذا الاتجاه سيجعل كثيرًا من الدول الساحلية أكثر عرضة للأزمات البيئية والهجرات المناخية.
بصيص أمل: حلول ممكنة للتخفيف
ورغم قتامة المشهد، يرى الخبراء أن الفرصة لا تزال قائمة لإبطاء الذوبان من خلال:
-
خفض الانبعاثات الكربونية بسرعة.
-
الاستثمار في الطاقة المتجددة.
-
توسيع صناديق التكيف المناخي.
-
استعادة النظم البيئية الجبلية المتضررة.
وأكدت كوزيل أن “كل زيادة طفيفة في درجة الحرارة تؤثر على الأنهار الجليدية هنا وعلى مئات الملايين من البشر”، مشددة على الحاجة إلى تحرك دولي عاجل.
خسارة تاريخية للجليد العالمي
ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تقريرها أن العالم فقد 301 مليار طن متري من الجليد سنويًا بين 2022 و2024 — وهي الخسارة الأكبر المسجّلة في التاريخ الحديث.
وتُغطي الأنهار الجليدية عالميًا نحو 700 ألف كيلومتر مربع وتُخزن ما يقرب من 70% من المياه العذبة على الكوكب، ما يجعل ذوبانها أحد أخطر مؤشرات أزمة المناخ العالمية.

