عيد الفطر: مناسبة واحدة بطقوس وتقاليد متنوعة
يحتفل المسلمون حول العالم بقدوم عيد الفطر، وذلك بعد 30 يوماً من الصيام والتعبد في شهر رمضان، إذ يحتفلون فيه بإفطارهم بعد إتمامهم لفريضة الصيام.
اشترك بقناتنا على التليكرام
اشترك بنقاتنا على الواتساب
ويُمثّل عيد الفطر الذي يأتي في الأول من شهر شوال من كل عام وفق التقويم الهجري، مناسبة دينية واجتماعية، ويستمر لمدة ثلاثة أيام إذ يعد فرصة لتجمع العائلات وتبادل التهاني. ورغم تشابه المسلمين في كثير من العادات والتقاليد الخاصة باحتفالات عيد الفطر، إلا أن هناك بعض العادات المتوارثة التي تميز كل بلد عربي عن غيره.
بيت العائلة و “الكليجة”
في العراق، العيد له عاداته وطقوسه الشعبية الخاصة به إذ تقول السيدة العراقية فريال السامرائي: “تتناول أغلب العائلات العراقية الفطور الصباحي الذي يتكون من طبق (الكاهي والقيمر) حيث يُعتبر هذا الطبق إحدى الأكلات العراقية المشهورة التي اعتادتها الأسر العراقية كوجبة إفطار رئيسية أيام الأعياد والعطل الرسمية”.
والكاهي هو نوع من الفطائر الهشة، يشبه “الفطير المشلتت” في مصر، أما القيمر فهو القشطة العراقية الدسمة، ويعتبر حليب الجاموس الموجود في أهوار العراق والمدن الأخرى المطلة على النهر، هو الحليب المفضل في صناعة القيمر.
وتضيف السامرائي أن الشاي العراقي له حضور على مائدة العراقيين إذ يتم إضافة الهيل إليه وإعداده بطريقة خاصة تُعرف بـ “تخدير الشاي” ويكون له مذاق مميز في صباح العيد.
وتقول السامرائي: “إن من التقاليد التي يحرص العراقيون على القيام بها في عيد الفطر زيارة بيت العائلة أو بيت الوالدين وهو أول بيت يزوره العراقيون حيث يتناولون حلوى (الكليجة) المكونة من أنواع عدة كالتمر والجوز ثم يجتمعون على مائدة الغداء لتناول أكلة الدولمة (المحاشي)، ومن ثم ينطلقون لتقديم المعايدة للأقارب”.
ويمثل العيد للأطفال في العراق فرحة مختلفة إذ ينتظرون أن يفرغ الأهل من زيارة الأقارب ليتوجهوا مباشرة إلى مدينة الألعاب لقضاء أوقات ممتعة، بحسب السامرائي.
“العيدية” و”المنسف”
وللعيد في الأردن نكهة مختلفة إذ تقول لينا المصري: “من أهم تقاليد العيد في الأردن العيدية، التي تُعطى للنساء والأطفال، تعبيرا عن المحبة والتقدير، ولإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم. كما يرتدي الأردنيون ولا سيما الأطفال منهم الملابس الجديدة”.
وتضيف المصري أن العائلات غالباً ما تجتمع في منزل كبير العائلة، وذلك بعد أدائهم صلاة العيد في المساجد، ثم تستمر الزيارات لتهنئة الأقارب وخصوصاً الأم والأخوات والخالات والعمات، إضافة إلى الجيران بمناسبة العيد.
ويزداد في العيد الإقبال على الطبق الرئيسي لدى الأردنيين وهو المنسف، حيث تجتمع العائلة على الغداء لتناول طبقهم المميز.
وتبرز في كل بيت أردني موائد الحلويات البيتية والجاهزة، وفي هذا الصدد تقول المصري: “من أشهر حلوى العيد الكعك أو المعمول المصنوع من السميد أو الطحين والمحشو بالتمر أو الفستق الحلبي أو الجوز والذي يتم تجهيزه خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إلى جانب القهوة العربية السادة التي تقدم في دلال خاصة وتُعتبر المشروب التقليدي الساخن الذي يُقدم في العيد بنكهة الهيل”.
حلوياتٌ مغربية وأزياءٌ تقليدية
وبطبيعة الحال في أيام العيد، تكون مظاهر الحياة مختلفة عن باقي أيام السنة، إذ يفرح الكثيرون بلقاء الأقارب والأصدقاء والاستمتاع بالأطعمة التي تُميز هذه المناسبة. ففي المغرب يرتبط عيد الفطر أو “العيد الصغير” كما يسميه المغاربة، بعادات وطقوس ينفرد بها عن باقي البلدان العربية، حيث يقول مصطفى الرمضاني الباحث في التراث المغربي: “يحرص المغاربة على التمسك بالطقوس والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال سواء ما يتعلق باللباس أو العادات الاجتماعية وأيضاً على مستوى الأكل. فعلى مستوى اللباس يحرص المغاربة بمختلف أعمارهم على ارتداء الزي المغربي التقليدي المتمثل في الجلابة والجبادور والكندورة، سواء للرجال أو للنساء”.
ويضيف الرمضاني: “في صباح يوم العيد يرتدي المصلون جلاليبهم التقليدية ويحملون سجادات الصلاة للتوجه صوب المساجد لأداء صلاة العيد. بعد الصلاة تجتمع العائلات على مائدة الإفطار الصباحية التي تزدان بمختلف الحلويات المغربية على غرار (كعب الغزال) و(المحنشة) و(الفقاص) و(غريبة)، وكلّها حلويات تقليدية مغربية، إلى جانب الشاي المغربي الذي لا يستطيع المغاربة الاستغناء عنه والذي يرفق بفطائر (المسمن) و(البغرير)”. ويحرص المغاربة على مشاركة أطباق الحلوى المشكلة خلال هذه المناسبة مع الجيران أو عند تبادل الزيارات العائلية.
وفيما يتعلق بالزيارات وصلة الأرحام يقول الرمضاني: “يشكل عيد الفطر فرصةً لإحياء صلة الرحم وتقوية الروابط الأسرية من خلال الزيارات العائلية، وتقديم التهاني لهم بمناسبة العيد”. الاحتفاء بالعيد عند المغاربة لا يتوقف عند الإفطار فقط، فمائدة غداء العيد لا تقل تميزاً، إذ تحرص الأمهات على إعداد أطباق معروفة على غرار “البسطيلة” و “الطاجين بالبرقوق” و”الدجاج المحمر”. وإن صادف العيد يوم الجمعة، فلا طبق يعلو على طبق الكسكس المغربي، إذ يحرص المغاربة على تجهيز الكسكس كل يوم جمعة.
“صلاة العيد” و “الكحك والبسكويت”
أما في مصر، فيبدأ الاحتفال بعيد الفطر بـ”صلاة العيد”، إذ يقول أكرم يوسف: “تذهب الأسر كبارها مع صغارها إلى الأماكن المجهزة لصلاة العيد، وهم يرتدون الملابس الجديدة، وبعد الانتهاء من الصلاة يهنئون بعضهم البعض، ثم تأتي وجبة الإفطار العائلية التي يجتمع حولها الآباء والأمهات في بيت الجد والجدة ومن ثم يخرجون لزيارة الأقارب والأصدقاء للتهنئة بالعيد”.
ومن ضمن احتفالات المصريين بعيد الفطر المأكولات التي يفضلون تناولها وأبرزها: (الكحك) أو (الكعك) والبكسويت و(الغُريبة). وفي هذا الشأن، يقول يوسف: “يعتبر الكحك والبسكويت من أشهر المأكولات المصرية التي يهتم المصريون بإعدادها وتجهيزها وهي نوع من أنواع الحلويات والمخبوزات. كما تتناول معظم العائلات المصرية على الغداء وتحديداً في ثاني أيام العيد ما يُعرف بـ (الفسيخ) وهو أحد الأكلات المصرية الموسمية، التي تتكون من سمك مملح يعد من سمك البوري، ويتناوله المصريون في يوم شم النسيم، وكذلك في العيد”.
و(الكحك) أو الكعك هو عبارة عن دقيق وخميرة وزبدة ويتم حشوه بما يُعرف بـ “الملبن” ويُرش فوقه السكر المطحون والذي تحرص النساء على تجهيزه بأشكال متنوعة، بمشاركة أفراد الأسرة والجيران.
ويُعتبر الأطفال الفئة الأكثر فرحاً وابتهاجا بقدوم العيد، حيث يقول يوسف: “ينتظر الأطفال قدوم العيد للخروج والتنزه في الحدائق ومدينة الملاهي وممارسة الألعاب المختلفة إذ يشعرون بمتعة كبيرة وسعادة غامرة”. ويضيف: ” تُعد العيدية واحدة من أهم طقوس وعادات وتقاليد الاحتفال بالعيد في مصر إذ يحصل الصغار على العيدية من الكبار في العائلة كالأبوين والجدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات”.
وبحسب يوسف، فإن المصريين غالباً ما يقومون بالتجهيز المسبق لعيد الفطر إذ يقومون بتنظيف البيوت وترتيبها وتزيينها لتبدو أجمل في العيد لاستقبال الأقارب والضيوف الزائرين للتهنئة بهذه المناسبة.
ويبقى في النهاية لكل بلد طقوسه وتقاليده الخاصة به بنكهته المختلفة وطعمه المميز، لتجعل من عيد الفطر عيداً واحداً متعدد الألوان بتعدد الشعوب.