“من غرفة صغيرة لورشة كاملة”.. رائدة أعمال عراقية تحول الصابون الطبيعي إلى قصة مُلهِمة

“من غرفة صغيرة لورشة كاملة”.. رائدة أعمال عراقية تحول الصابون الطبيعي إلى قصة مُلهِمة

تبدأ الحكاية من مقعدٍ دراسي في المرحلة الإعدادية، حيث تشكّلت لدى رقية محمد صورةٌ واضحة عن المستقبل: “كنتُ أرى نفسي صاحبة عملٍ خاص، سيدةً تدير مشروعها بيديها”.
اليوم أصبحت رقية صاحبة علامة “صابون رقية”، وهي علامة محلية مسجّلة رسميًا، تحوّلت من تجربةٍ منزلية بسيطة إلى ورشة إنتاج متكاملة، وحظيت بتكريم رسمي من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضمن “يوم الوظيفة الوطني” بوصفها “قصة مُلهِمة”.

البدايات من غرفة المنزل

تقول رقية: “الفكرة زُرعت مبكرًا. كنت أكرّر لنفسي: سأمتلك مشروعًا يحمل اسمي. انجذبت إلى منتجات العناية بالبشرة، وخصوصًا صناعة الصابون الطبيعي الخالي من المواد الضارة”.
حين توفرت الظروف، تحوّلت غرفة صغيرة في المنزل إلى ورشة. كانت البداية بأدوات بسيطة وميزان حساس وقدور خاصة وقوالب سيليكون.
لم تنجح المحاولة الأولى، لكنها منحتها الخبرة المطلوبة حول نسب الخلط ودرجات الحرارة وزمن التصبين. وبعد محاولات متكررة خرجت أول عشرة قوالب بمواصفات عالية قدّمتها كهدايا للأقارب والأصدقاء، وكانت ردود الفعل الإيجابية أول اختبارٍ للسوق.

دعم العائلة وتحويل التجربة إلى مشروع

توضح رقية أن عائلتها كانت السند الحقيقي، إذ قدّمت الدعم المعنوي والمادي لتسجيل العلامة رسميًا واستكمال الإجراءات القانونية، ما مكّنها من الانتقال إلى الإنتاج التجاري وطرح منتجاتها في الأسواق والمتاجر الإلكترونية.
تقول: “الدعم لم يكن مالاً فقط، بل كان سؤالاً يوميًا: ماذا تعلّمتِ اليوم؟ كيف كانت آراء الزبائن؟”.

جودة المكونات وتنوع المنتجات

يعتمد المشروع على زيوت وأعشاب طبيعية تُختار بعناية، وتُجرى عليها اختبارات حسية داخل الورشة قبل اعتمادها.
تشرح رقية: “نصنع الصابون لأنواع بشرة مختلفة – دهنية، جافة، حساسة – ونسأل العميل أولاً عن مشكلته قبل اقتراح المنتج المناسب، دون مبالغة في الوعود”.
كما طوّرت رقية خطًا علاجياً مخصصًا للأشخاص الذين يعانون من الإكزيما أو الصدفية أو الثعلبة، مع توصيات واضحة بالاستخدام واستشارة الطبيب للحالات المزمنة.

من الحقل إلى القالب

تحرص رقية على التواصل المباشر مع المزارعين للحصول على المواد الخام الطبيعية. وتقول: “نطلب شهادات منشأ عندما تتوافر، ونسأل عن طرق الحصاد والتجفيف لضمان الجودة”.
ويُختبر كل منتج عمليًا في ظروف استخدام حقيقية – ماء بارد وساخن، رطوبة وشمس – قبل طرحه في السوق.

السوق والتفاعل مع المستهلك

تُباع منتجات “صابون رقية” عبر متجر إلكتروني وأسواق محلية، ويتم جمع آراء المستخدمين في استبيانات تُترجم إلى تحسينات دورية على الوصفات.
توضح رقية: “أكثر ما يسعدني أن الجهد أصبح ملموسًا في السوق، وأن هناك من يثق بمنتج وطني مصنوع بعناية”.

تكريم رسمي ورؤية مستقبلية

حصلت رقية على تكريم من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضمن “يوم الوظيفة الوطني”، تقديرًا لجهودها كرائدة أعمال شابة.
تقول: “مشروعي ليس صابونًا فحسب، بل طريقة عيشٍ صحية واحترامٌ لما تلامسه البشرة كل يوم”.

وتخطط لإطلاق حزم صغيرة “تجريبية” لتشجيع الزبائن على تجربة منتجاتها، إلى جانب كتيبات إرشاد تحتوي على نصائح للعناية والتخزين.

الثقة تصنعها التجربة

تلخّص رقية فلسفة مشروعها بالقول: “الثقة تُصنع من الصدق والجودة، فلا تسويق يعوّض تجربة سيئة، ولا وصفة ناجحة تستغني عن متابعة الزبون بعد البيع”.
وتطمح إلى أن تكون “صابون رقية” جزءًا من اقتصاد وطني حقيقي للعناية الشخصية قائم على المعرفة الحرفية والشفافية مع المستهلك.

مشاركة