الذكاء الاصطناعي كـ”صديق رقمي”: راحة نفسية مؤقتة أم خطر اجتماعي خفي؟

الذكاء الاصطناعي كـ”صديق رقمي”: راحة نفسية مؤقتة أم خطر اجتماعي خفي؟

  “الفضفضة الرقمية”.. ملاذ نفسي في عصر التكنولوجيا

في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا ويتغلغل الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية، أصبح بعض المستخدمين يجدون في تطبيقات المحادثة الذكية (Chatbots) وسيلة جديدة لـ”الفضفضة الرقمية” والتفريغ العاطفي، بعيدًا عن الأصدقاء أو الأطباء.

لكن خبراء علم النفس يحذرون من أن هذه الممارسة، التي تبدو آمنة ومريحة على السطح، قد تُخفي مخاطر نفسية واجتماعية عميقة، أبرزها العزلة والانفصال عن الواقع الإنساني.

 أداة للتفريغ البسيط.. لا بديل عن الطبيب

يقول الدكتور جمال فرويز، الطبيب النفسي:

“استخدام تطبيقات مثل ’تشات جي بي تي‘ في التحدث عن المشكلات النفسية قد يكون مفيدًا في نطاق محدود جدًا، كنوع من الفضفضة الخفيفة، لكنه لا يغني عن الطبيب أو الصديق الحقيقي.”

ويحذّر فرويز من الإفراط في الاعتماد على هذه التطبيقات، خاصة في الحالات النفسية الحادة، موضحًا:

“خطورة هذه الأدوات تكمن في أنها تعتمد على البيانات المدخلة فقط، دون فهم إنساني أو وعي بالحالة الفردية.”

وأضاف أن بعض الإجابات قد تبدو منطقية أو مقنعة، لكنها غير واقعية أو غير قابلة للتطبيق، ما يجعلها مضللة أحيانًا.
وعن إمكانية أن تحل هذه الأدوات محل الطبيب النفسي، أجاب بحزم:

“لا يمكن أبدًا. الطبيب النفسي يمتلك القدرة على التشخيص وفهم التعقيدات الإنسانية، بينما التطبيق لا يتجاوز كونه خوارزمية.”

  الاعتماد الزائد يعزل الإنسان عن واقعه

من جانبها، أكدت الدكتورة رشا الجندي، الخبيرة النفسية، أن التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون بحذر شديد، مشيرة إلى أن الاستخدام المفرط قد يؤدي إلى انفصال الإنسان عن العالم الواقعي.

وقالت الجندي:

“نحن نعيد تجربة وسائل التواصل الاجتماعي عندما استبدل الناس التواصل الحقيقي بالرسائل الرقمية. الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي يجعل الإنسان يتعامل مع آلة بلا مشاعر أو حواس، فيتحول تدريجيًا إلى كائن افتراضي فاقد للتفاعل الإنساني.”

وأضافت أن أخطر ما يمكن أن يحدث هو اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي كبديل للطبيب أو الخبير النفسي، موضحة أن:

“الآلة لا تملك المشاعر ولا التقييم الفردي. الطبيب وحده يمتلك القدرة على الفهم الإنساني والمعالجة الدقيقة لكل حالة على حدة.”

وختمت الجندي بالقول:

“كل إنسان حالة فريدة. لا يمكن لخوارزمية أن تدرك الفروق الدقيقة بين الأفراد أو تستبدل التقييم الإنساني المهني.”

 خلاصة التقرير:

بينما يوفّر الذكاء الاصطناعي نافذة آمنة للتعبير المؤقت عن المشاعر، فإن الاعتماد العاطفي أو العلاجي عليه يشكل خطرًا حقيقيًا على الصحة النفسية والاجتماعية.
يبقى التواصل الإنساني والعلاج المهني الركيزة الأساسية لفهم الذات والتعافي الحقيقي، وليس مجرد محادثة مع آلة ذكية.

مشاركة