7 أعذار لإيران دفعتها للتخلي عن حماس.. بينها “تجربة العراق”
تناولت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، موقف إيران من الحرب الجارية بين إسرائيل وقطاع غزة، والتي كانت تنذر باندلاع مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، لكن وبرغم الرسالة التي كتبها مسؤولون إيرانيون إلى المرشد علي خامنئي، لإقناعه بالانخراط في الصراع دعما لحماس، إلا أن احتمال نشوب حرب إقليمية موسعة منخفض، وأن واقع التفكير الاستراتيجي الإيراني، يتسم بحذر أكبر من الشعارات.
واستعرض تقرير للمجلة الأمريكية، 7 أسباب على الأقل تجعل من المرجح أن تعمد إيران إلى تجنب بدء حرب مع اسرائيل نيابة عن حماس.
أولاً: ذكر التقرير، أن إيران لا يمكنها حشد المجتمع الإيراني من أجل الانخراط في حرب جديدة مثلما فعلت خلال الحرب مع العراق في الثمانينيات عندما كانت التعبئة المتواصلة للموجات البشرية، من بين عوامل اخرى، هي التي قاومت الجيش العراقي وأجبرت بغداد على الانسحاب من الاراضي الايرانية.
وأضاف التقرير، أنه “بعد مرور عقود تراجع دعم المجتمع للنظام السياسي”، مشيراً إلى التظاهرات الأخيرة في إيران والأزمة الاقتصادية الناتجة جزئيا عن العقوبات التي قادتها واشنطن، وتصاعد الاستياء بين الشباب والطبقة المتوسطة.
ثانياً: بين التقرير أن التيار المعتدل داخل الحكومة الايرانية حذر من التدخل الإيراني المباشر في الحرب، مضيفاً أن “الحرب في غزة تسببت في تعميق الانقسامات السياسية في طهران”.
ووفق تقديرات المتشديين الإيرانيين، فإن تدمير حماس يرتبط تلقائياً بالانهيار اللاحق لحزب الله، وفي نهاية المطاف، بشن هجوم عسكري على إيران، ولهذا فإنهم يدعمون استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا من قبل وكلاء إيران.
لكن التقرير، لفت إلى أن هذا الرأي يتعارض بشكل كبير مع وجهة النظر التي يتبناها المسؤولون المعتدلون، وخاصة ظريف، الذي حذر باستمرار من العواقب التدميرية لتورط إيران المحتمل في حرب مع الولايات المتحدة.
ووفقا لوزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف، فإن في حال اتخذت إيران موقفاً أكثر تطرفاً حول غزة، فقد يؤدي ذلك إلى إثارة نزاع مميت مع الولايات المتحدة، وهو ما سترحب به اسرائيل.
وثالثا، لفت التقرير، إلى أن “فشل اسرائيل الواضح في ردع هجوم حماس في 7 اكتوبر/تشرين الاول الماضي، لا يبدل في حسابات طهران الاستراتيجية إزاء اسرائيل، مضيفا أنه برغم اعتماد اسرائيل على تكنولوجيا دفاعية عالية التقنية مثل نظام الدفاع القبة الحديدية، فقد وجهت حماس ضربة عسكرية واستخباراتية كبيرة ضدها، وبالتالي حطمت سياسة الردع التي تنتهجها.
وأشار إلى أن “ذلك لا يبدل من وجهة نظر إيران إزاء اسرائيل أو ديناميكيات القوة في المنطقة، وانه برغم أن عملية حماس زعزعت استراتيجية الردع الاسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة، فإنها لا توفر لإيران الفرصة لتحدي اسرائيل باستخدام القوة الصاروخية.
وتابع التقرير أنه على العكس من ذلك، فإن إيران قد تعتقد أن اسرائيل تشعر أن استعادة الردع هي أولوية وجودية تستحق القيام بمخاطرة عسكرية او سياسية استثنائية من أجلها.
رابعاً: فبخلاف الرأي السائد، لا حماس ولا حتى حزب الله، هما من وكلاء إيران، و الأكثر دقة هو اعتبارهما حلفاء إيران كقوى غير حكومية، وفق التقرير، الذي أضاف أن “برغم قيام حماس بمواءمة أفعالها مع إيران، إلا أن نهجها قد يتباين معها مثلما حدث بشكل ملحوظ خلال الحرب الأهلية السورية عندما دعمت حماس المتمردين السنة المعارضين للرئيس السوري الأسد.
خامساً: أشار التقرير، إلى أن موسكو وبكين، وهما من شركاء إيران الاستراتيجيين، لم يعبروا عن دعمهم الكامل لحماس، مبيناً أن إيران سعت الى التحالف مع الصين وروسيا في إطار سياستها بالتطلع نحو الشرق، وهي بالتالي لن ترغب في إفساد علاقاتها مع هاتين الدولتين.
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن إيران تتبع في غزة سياسة مشابهة لتلك التي تبنتها بعد ملاحظة نهج الانتظار والترقب الصيني الروسي عند استيلاء طالبان على كابول قبل عامين، لافتاً إلى أن هدف طهران هو تجنب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى.
سادساً: تحدث التقرير عن وجود اعتقاد عميق بين صناع القرار في إيران بأن المشيخات العربية في الخليج سوف ترحب بحرب واسعة النطاق بين إيران واسرائيل، مستبعدا أن تكون إيران تأمل بأن تقطع الدول العربية علاقاتها مع اسرائيل نتيجة لحرب أوسع نطاقاً.
وذكّر بأن الرأي العام العربي لا يملك تأثيراً يُذكر على السياسات الخارجية التي تنتهجها بلدانهم، وأن الزعماء العرب ينظرون إلى حماس منذ فترة طويلة باعتبار أنها وكيل مخرب لإيران، وبالتالي سيكونون سعداء إذا قامت اسرائيل بتفكيك الحركة للأبد.
سابعاً: قال التقرير الأمريكي، إن العامل الأخير والأكثر أهمية الذي يؤثر على إحجام إيران الواضح عن الانخراط في الحرب هو وجهة نظر خامنئي المحددة تجاه الصراعات الإقليمية، مبيناً أن بخلاف وجهة النظر السائدة في الغرب، فإن المرشد الأعلى يتعامل مع الاستجابات للصراعات الإقليمية من وجهة نظر واقعية وليس أيديولوجية.
وأوضح التقرير، أن هذا الوعي هو الذي دفع إيران إلى اختيار رد فعل محسوب نسبيا في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني، وهو سلوك ينسجم هذا مع استراتيجيته الشاملة في التعامل مع الأزمات الإقليمية.
ورأى أن الأسباب السبعة المترابطة هي التي تفسر إحجام إيران عن التورط في الحرب نيابة عن حماس، كما أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تسريع برنامج إيران النووي، حيث توجد أصوات قوية في طهران، وأغلبها في المعسكر المتشدد، تعتبر أن الأداة الأكثر أهمية التي تستخدمها إيران لمنع تدمير حماس تتوقف على قرارها بالسعي إلى اكتساب القدرات النووية بشكل كامل، وهم يعتقدون أن ورقة إيران الرابحة تكمن في تهديدها بتطوير أسلحة نووية، وإظهار الدعم الحيوي لحلفائها – على غرار دعمها السابق لحكومة الأسد في سوريا.
وخلص تقرير مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إلى أن “ذلك لا يعني أن إيران ترغب في التخلي عن حماس، التي تمثل رصيدها الاستراتيجي في غزة، وبدلا من الوقوف مكتوفة الأيدي، فإن من المرجح استمرار طهران في ممارسة الضغط على كل من اسرائيل والولايات المتحدة، من خلال حزب الله ووكلائها في العراق وسوريا، ومن دون تصعيد الصراع إلى حرب إقليمية واسعة”.