“أسود في الأحياء السكنية”.. ظاهرة خطيرة تنتشر في العراق رغم الحظر
حيوانات مفترسة في المنازل.. واقع يفوق الخيال
في الوقت الذي يُنظر فيه إلى الأسود والنمور كرموز للقوة والسيطرة في البرية، بدأت هذه الكائنات تشق طريقها إلى الأحياء السكنية والمزارع العراقية، حيث يحرص بعض الأفراد على تربيتها داخل منازلهم، إما بدافع التباهي أو استعراض القوة، في ظاهرة تشهد تزايدًا مقلقًا، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر جسيمة.
تجارة غير رسمية وأسعار مرتفعة
عباس الخالدي، أحد باعة هذه الحيوانات المفترسة في بغداد، يقول لوكالة شفق نيوز: “الطلب على تربية الأسود والنمور ارتفع في السنوات الأخيرة، وزبائني غالباً من أصحاب المزارع أو الشخصيات التي تبحث عن الهيبة. نوفر الأشبال بعمر صغير، وتسليمها يتم بطريقة خاصة مع تعليمات أولية”.
ويضيف أن أسعار الأشبال تتراوح بين 2000 و4000 دولار، وغالبًا ما تُستورد عبر منافذ غير رسمية من دول مثل إيران وسوريا، في غياب رقابة جمركية صارمة.
مأساة الكوفة.. افتراس مربي على يد أسده
في حادثة مأساوية وقعت بمحافظة النجف في الثامن من أيار الجاري، لقي أحد المواطنين حتفه بعدما هاجمه الأسد الذي كان يربيه داخل منزله في قضاء الكوفة. وأفاد مصدر أمني بأن الجار اضطر إلى التدخل وأطلق سبع رصاصات على الأسد لقتله وإنقاذ الضحية، لكن الوقت كان قد فات.
تحذيرات بيطرية وبيئية
الطبيب البيطري ياسر محمود يؤكد أن هذه الحوادث “ليست مفاجئة”، مشيراً إلى أن “الأسود والنمور تحتفظ بغرائزها البرية، ويمكن أن تتحول إلى مصدر خطر في أي لحظة، خاصة عند الجوع أو الغضب”.
في السياق ذاته، أوضح الخبير البيئي سالم العامري أن القانون العراقي يمنع تربية الحيوانات المفترسة دون ترخيص، لكنه أشار إلى أن “الواقع يشهد خروقات واسعة، حيث يتم اقتناء هذه الكائنات خارج الأطر القانونية، مما يصعّب تعقبها أو السيطرة عليها عند وقوع حوادث”.
ضعف الرقابة وانتعاش السوق السوداء
الناشط في حماية الحياة البرية، جكنيز ياسين، يرى أن “المشكلة تتجاوز غياب الرقابة، لتصل إلى ضعف الوعي المجتمعي، فالكثير يعتقد أن اقتناء أسد أو نمر يمنحه مكانة اجتماعية، دون وعي بالمخاطر الحقيقية”.
ويضيف أن استمرار هذه الظاهرة قد يؤدي إلى “نتائج كارثية”، داعياً إلى إطلاق حملات توعية وتشديد العقوبات على المتاجرين والمربين غير المرخصين.
تجارب شخصية تكشف خطورة الظاهرة
حسن هادي، أحد مربي الأشبال، يروي تجربته الخاصة قائلاً: “تربية هذه الكائنات ليست سهلة كما يظن البعض، ومهما بدت أليفة، فإنها تفترس في لحظة غضب أو جوع. لقد نجوت مرتين من افتراس أحد الأسود أثناء تقديم الطعام، ولولا تدخل صديقي، لما كنت على قيد الحياة”.
ويحذر هادي من أن غالبية المربين يفتقرون إلى الخبرة الطبية، ما يؤدي إلى أمراض وسلوكيات عدوانية، ويضيف: “توفير البيئة المناسبة يتطلب اهتماماً دقيقاً بالنظافة، التهوية، التغذية، والفحص البيطري، وهي أمور تغيب عند كثيرين ممن يربّونها فقط لغرض التفاخر”.

