العطش ينهك بابل.. هجرة قسرية للمزارعين ونفوق جماعي للمواشي

قرى ريفية تعيش أزمة “صامتة” وسط جفاف شامل وغياب الدعم الحكومي
تعاني مناطق ريفية في جنوب محافظة بابل من كارثة بيئية واجتماعية متفاقمة، مع استمرار جفاف الأنهار وتحوّل المياه إلى حلم صعب المنال، وسط غياب الحلول الحكومية وانهيار قطاعات الزراعة وتربية المواشي.
“ما بقى غير الهواء والطين”
يقول أحد سكان المنطقة في حديثه لوكالة شفق نيوز:
“احنا أصحاب حلال.. بس ما بقى حلال”.
ويضيف أن أغلب الأغنام نُفقت بسبب شُح الماء أو الإصابة بأمراض ناتجة عن الملوحة الشديدة، مبينًا أن “الماشية تُصاب بانتفاخ وتموت خلال يومين”.
ويتابع: “كان لدينا أكثر من خمسين رأسًا، واليوم لا نملك سوى الطين والهواء… الناس هجرت القرى بسبب العطش”.
الزراعة خارج الخدمة منذ 2003
يشير المواطن حمزة راضي، وهو من مواليد 1990 وأب لستة أطفال، إلى أنه لم يزرع أي محصول منذ عشر سنوات، قائلاً:
“جداولنا جفّت تماماً، نشتري الماء بالصهاريج، لكنه أصبح مالحًا ولا يصلح للزراعة أو الشرب”.
موجة نزوح ودوامة فقر
في ظل تفاقم الأزمة، هجرت العديد من العائلات قراها باتجاه المدن، بينما بقيت أخرى عالقة في دوامة الفقر والتهميش.
ويقول أحد السكان: “وصلنا لمرحلة نبيع كل شي حتى نشتري صهريج ماء. ناشدنا الجهات المسؤولة… لا أحد يسمعنا”.
درجات حرارة قاتلة ومراعي جافة
في إحدى القرى القريبة من مدينة الكفل، يواجه أبو أحمد صعوبة بالغة في رعي ما تبقى من أغنامه تحت حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، وسط أراضٍ قاحلة ومياه معدومة.
الموارد المائية: لا خطة زراعية صيفية
أكّد مدير الموارد المائية في بابل، مثنى الوطيفي، أن المحافظة “من أكثر المحافظات تضررًا” بسبب انخفاض الإيرادات المائية من دول المنبع.
وأوضح أن تصريف شط الحلة لا يتجاوز 70–73 م³/ثانية، وهو ما لا يكفي حتى لتغذية الجداول الفرعية.
وأضاف أن الوزارة لم تقر أي خطة زراعية صيفية لهذا العام، وتوجهت لتأمين الماء فقط إلى مراكز الأقضية ومشاريع الإسالة.