تفكيك الظهور العراقي في قائمة رسوم ترامب.. ما وراء “شرط التفاهم الأمني”؟

تصعيد جمركي يربط التجارة بالأمن.. والعراق ضمن قائمة “التعديلات المتكررة”
في خطوة تعكس تحوّلًا في طريقة تعاطي الإدارة الأمريكية مع ملف الرسوم الجمركية، دخل العراق مجددًا ضمن قائمة الدول التي عدّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرسوم الجمركية المفروضة عليها، حيث رفع النسبة المقررة إلى 35%، بعد أن كانت 30% في القرار السابق، و39% في القرار الأول.
مسار متقلب من الرسوم والتفاهمات
كانت البداية في 2 أبريل عندما أصدر ترامب أمرًا بفرض رسوم تصل إلى 39% على العراق، بزعم أن بغداد تفرض ما يصل إلى 78% كرسوم على الواردات الأمريكية. غير أن الرسوم لم تُطبق في موعدها المقرر في 5 أبريل، بل تم تأجيلها، ضمن حزمة تعليق شملت دولًا بادرت إلى التفاوض مع واشنطن، ومن ضمنها العراق.
في 9 أبريل، مُنح العراق تأجيلًا جديدًا لمدة 90 يومًا، نتيجة التواصل مع الإدارة الأمريكية لإجراء تفاهمات تجارية ثنائية، ليُعاد تحديد موعد التطبيق إلى 5 يوليو.
لكن في 9 يوليو، أرسل ترامب رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أبلغه فيها بتعديل نسبة الرسوم إلى 30% بدلاً من 39%، وتحديد موعد جديد لتطبيقها بدءًا من 1 أغسطس.
المفاجأة جاءت لاحقًا، إذ أقر ترامب في أمره الأخير تأجيلًا جديدًا إلى 7 أغسطس، لكن مع زيادة الرسوم مجددًا إلى 35%، في تراجع عن النسبة المخففة التي أُبلغ بها العراق مسبقًا.
التحول اللافت: التجارة لم تعد وحدها على الطاولة
اللافت في الأمر التنفيذي الأخير، هو إقحام “شروط الأمن القومي” ضمن مبررات فرض الرسوم، إذ أشار ترامب إلى تلقيه معلومات من مسؤولين كبار بشأن علاقات الشراكة الثنائية، تضمنت الجوانب الأمنية، إلى جانب الاقتصادية والتجارية.
وقال الرئيس الأمريكي إن بعض الدول قدمت التزامات “تجارية وأمنية جادة”، ما يشير إلى نوايا حسنة، فيما فشلت دول أخرى – دون تحديدها – في تقديم التزامات مقبولة تتماشى مع أولويات الولايات المتحدة في الأمن القومي والعلاقات الخارجية.
هل العراق في خانة الدول غير المتوافقة أمنيًا؟
ضمّت القائمة المعدّلة 70 دولة، بينها خمس عربية فقط: العراق، سوريا، الجزائر، تونس، وليبيا. وبينما لم يوضح ترامب ما إذا كان العراق من الدول التي فشلت في تقديم التزامات كافية، إلا أن الإشارة إلى مسائل الأمن القومي كمحدد للرسوم الجمركية تمثل تحولًا سياسيًا خطيرًا، يوسع دائرة الرسوم من حقل التجارة إلى ميدان العلاقات الاستراتيجية والأمنية.
قراءة بين السطور: الرسوم ليست مجرد نسب
بذلك، لم تعد قيمة الرسوم وحدها معيارًا لقياس حدة الموقف الأمريكي، بل باتت مؤشراً ضمن منظور أشمل يتناول التفاهمات الأمنية ومدى “الامتثال” لمتطلبات واشنطن في العلاقات الثنائية، وهو تطور قد ينعكس على الملفات الأخرى، بما فيها التعاون العسكري، الاتفاقات الاستخباراتية، ومواقف العراق من ملفات إقليمية ودولية حساسة.