صيانة السيارات في العراق: بين الحاجة الاستراتيجية والإهمال المكلف

في بلدٍ يواجه تحديات مناخية واقتصادية وبنية تحتية متعبة، باتت صيانة السيارات في العراق أكثر من مجرد إجراء دوري؛ إنها ضرورة استراتيجية تفرضها طبيعة الطرق، وحرارة الصيف اللاهبة، وتقلبات الأسعار اليومية. ورغم توسع السوق المحلي في ورش الإصلاح ومتاجر قطع الغيار، إلا أن منظومة الصيانة ما تزال تعاني من نقص التنظيم وضعف الجودة.
نظرة عامة على سوق الصيانة وقطع الغيار
تشير البيانات إلى وجود نحو 1,733 متجرًا لقطع الغيار الجديدة في عموم العراق حتى منتصف 2025، منها 527 في بغداد وحدها، إضافة إلى 723 ورشة صيانة وإصلاح موزعة بين المحافظات، تتصدرها العاصمة بـ185 ورشة خاصة.
لكن هذا الانتشار لا يعني بالضرورة تطوراً في الأداء، إذ تكشف الأرقام عن فجوة في جودة الخدمة، وضعف تدريب الكوادر الفنية، وغياب أدوات التشخيص الحديثة في معظم الورش المحلية.
أبرز التحديات التي تواجه مالكي السيارات
-
تفاوت جودة قطع الغيار:
كثير من السائقين يعتمدون على القطع المستعملة أو المقلدة بسبب ارتفاع الأسعار، ما يؤدي إلى تلف متكرر وتكاليف إضافية. -
قلة الورش المتخصصة:
معظم الورش صغيرة أو عائلية وتفتقر إلى الأجهزة الحديثة والتدريب الفني، ما يطيل فترات الإصلاح ويزيد من الكلفة. -
الإهمال في الصيانة الدورية:
الحرارة العالية والغبار الكثيف يعجلان بتلف المركبات، لكن كثيرين يتأخرون في تغيير الزيوت والفلاتر حتى تتفاقم الأعطال. -
ارتفاع التكلفة مقابل القدرة الشرائية:
تقلبات سعر الدولار والرسوم الجمركية جعلت الصيانة عبئًا على المواطن، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الزيوت والقطع الأصلية. -
المناخ والطرق المتعبة:
الأمطار المفاجئة والحفر الواسعة تؤدي إلى تلف أنظمة التعليق والمكابح، وتقلل من عمر السيارة الافتراضي.
مقترحات لتحسين منظومة الصيانة في العراق
-
تنظيم سوق قطع الغيار وضمان دخول منتجات ذات جودة مفحوصة.
-
توسيع مراكز التدريب الفني في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة وأربيل.
-
حملات توعية إعلامية للتأكيد على أهمية الصيانة الوقائية ودورها في تقليل الأعطال.
-
تشجيع استخدام القطع الأصلية حتى وإن كانت أغلى، لضمان الأمان وطول العمر التشغيلي.
-
تطبيق تسعيرة موحدة وشفافة لخدمات الورش لمنع الاستغلال التجاري.
صيانة السيارة.. وعي أم رفاهية؟
الصيانة في العراق ليست ترفاً بل وسيلة للحفاظ على السلامة العامة. فالمواطن الذي يستثمر في الصيانة الوقائية ويستخدم قطعاً أصلية، يضمن أمانه ويطيل عمر سيارته، بينما الإهمال المتكرر يؤدي إلى خسائر مالية وجسدية جسيمة. إن تطوير هذا القطاع لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية واقتصادية.