هل تهدد أزمة المياه الأمن الغذائي في العراق؟ خطة الزراعة الجديدة تجيب

الخطة الزراعية الشتوية الجديدة تقلّص المساحات المزروعة إلى النصف مقارنة بالعامين الماضيين
من المتوقع أن يشهد إنتاج الحنطة في العراق انخفاضًا كبيرًا خلال العام المقبل، بعد إقرار وزارة الزراعة خطتها الزراعية الشتوية الجديدة التي جاءت منخفضة بنسبة 50% تقريبًا مقارنة بالمواسم السابقة، نتيجة شحّ المياه غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، والتي تهدد حتى مياه الشرب في بعض المحافظات.
3.5 مليون دونم فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية
وقال مستشار وزارة الزراعة مهدي القيسي، إن “الخطة الزراعية الشتوية تمت المصادقة عليها رسميًا”، مشيرًا إلى أنها تتضمن زراعة ثلاثة ملايين ونصف المليون دونم فقط، بالاعتماد على المياه الجوفية من خلال حفر الآبار.
وأوضح القيسي أن “الخطة تشترط استخدام منظومات الري الحديثة في المناطق الصحراوية لتقليل الهدر وضمان الاستغلال الأمثل للمياه”، مضيفًا أن التركيز الأكبر سيكون على زراعة محصول الحنطة الاستراتيجي في المناطق التي تتوفر فيها كميات كافية من المياه الجوفية.
الاعتماد على المياه الجوفية بدلًا من السطحية
وبيّن القيسي أن “المساحة المقررة هذا الموسم أقل من العام الماضي بسبب استمرار شحّ المياه السطحية، مما دفع الوزارة إلى الاعتماد المتزايد على المياه الجوفية كمصدر بديل”، مؤكّدًا أن الزراعة ستكون مشروطة بـ “الالتزام الصارم باستخدام تقنيات الري الحديثة” من أجل الحفاظ على الموارد المائية.
زراعة ذكية لمواجهة التحديات المناخية
وأشار المستشار إلى أن “الوزارة تهدف من خلال هذه الخطة إلى تقليل استهلاك المياه والحفاظ على الخزين المائي الوطني، مع ضمان استمرار إنتاج الحنطة لتأمين الأمن الغذائي الوطني رغم التحديات المناخية”.
وأضاف أن “وزارة الزراعة ماضية في تطبيق سياسات رشيدة تعتمد على الزراعة الذكية والمياه البديلة، لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وتخفيف تأثير التغيرات المناخية على القطاع”.
تراجع متوقع في الإنتاج إلى النصف
وبحسب التقديرات الرسمية، تراوح إنتاج العراق من الحنطة خلال السنوات الثلاث الماضية بين 4 إلى 7 ملايين طن سنويًا، إذ بلغ الإنتاج هذا العام أكثر من 5 ملايين طن.
لكن مع تقليص المساحة المزروعة إلى 3.5 ملايين دونم فقط في الموسم الحالي، من المتوقع أن ينخفض الإنتاج إلى أقل من 3 ملايين طن، أي بما يعادل نصف إنتاج عام 2024 تقريبًا.
ويُعد هذا التراجع أكبر انخفاض في إنتاج الحبوب الاستراتيجية منذ أكثر من عقد، ما يثير مخاوف من تزايد الاعتماد على الاستيراد لتغطية الطلب المحلي على الحبوب والدقيق.
أزمة المياه تهدد الأمن الغذائي
ويواجه العراق واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخه الحديث، نتيجة انخفاض واردات نهري دجلة والفرات وتراجع الخزين المائي في السدود، إلى جانب تأثيرات التغير المناخي، ما أدى إلى تراجع المساحات الزراعية في عموم البلاد.
ويرى خبراء أن استمرار هذه الأزمة قد ينعكس على الاستقرار الغذائي والاقتصادي، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتوسيع مشاريع الحصاد المائي وتحلية المياه وتحسين إدارة الموارد المتاحة.